كلية الحقوق والعلوم السياسية
جامعة جيجل
جامعة جيجل
مبدأ الأمن الجماعي
مفهوم
الأمن الجماعي – عصبة الأمم المتحدة
(الأمن الجماعي دراسة
نظرية -عملية)
الباحث :موسى حداد
الدرجة العلمية :سنة أولى ماستر دراسات استراتجية وأمنية
مقدمة :
يعد القرن العشرون قرن المنظمات الدولية ،
إذ توافرت منذ بدايته الشروط الفنية سهولة المواصلات ، والسياسية – نية التعاون ،
والعقائدية – الشعور بالانضمام " لمجموعة بشرية خاضعة لمبادئ قانونية ومعنوية
موحدة " ،إن هذه الشروط أسهمت ، إلى حد ما ، في ولادة المنظمات الدولية
والإقليمية ، كمنظمات دائمة قادرة علي التعبير عن إرادتها الذاتية المستقلة وعن
إرادة الدول الأعضاء داخلها ، تصبح الدول في هذا الحال، غير قادرة علي اتخاذ قرار
مهم في السياسة الخارجية دون أن تعمل حساباً لوجود مثل هذه المنظمات .
وأكثر من ذلك ، فقد تتفق الدول الأعضاء في المنظمة الدولية ,
ليس فقط علي مجرد التعاون في علاقات سلمية ، بل تشترك مجتمعة في سياسة ( أمن جماعي
) ، حيث المنظمة الدولية ذاتها الرئيسية. وهو مايضعنا أمام تساؤل محوري يدور حول
ماهية الأمن الجماعي ؟ ما هي الأسس التي
يقوم عليها وما هي الأهداف التي يتوخاها من خلال تطبيقه في العلاقات الدولية ؟ وكيف
تطور مع وجود عصبة الأمم المتحدة وهيئة الأمم المتحدة ؟
الفصل الأول :مبدأ الأمن الجماعي)دراسة نظرية)
نظام الأمن الجماعي
لا يمكنه أن يمحو أوتوماتيكيا الخلافات والتناقضات القائمة التي يمكن أن تظهر بين
بعض الدول أو بين المجموعات . غير أنه في إطار هذا النظام بما لديه من هيئات معينة
وإجراءات مناسبة ، يمكنه أن يحل هذه الخلافات والتعقيدات المحتملة بشكل أسهل ،
باعتماده الطرق السلمية في حلها والابتعاد عن وسيلة العنف المسلح كأسلوب لحلها .
مفهوم السلام العالمي في ظل نظام الأمن الجماعي: هو من القيم الدولية التي لا تقبل التجزئة
أو المساومة انطلاقا من فرضية أن جميع الدول المنظمة إلي هذا النظام لديها
الاهتمام الواحد في دعم السلم وتطوير التعاون المتبادل .
وأنه لكي يستطيع تأدية وظائفه بكل فاعلية عليه
أن يضمن المساومة في السيادة لجميع الدول . وهكذا يصبح أي عدوان علي لأية دولة
بعيدة كانت أو قريبة، كبيرة أو صغيرة ، قوية أو ضعيفة ، لا بد أن يقابل بالقوة
الجماعية للمجتمع الدولي كله ، وعلي هذه القوة الجماعية أن تكتل جهودها لهزيمة
المعتدي علي إحداها أو بعضها حفاظاً علي السلام العالمي .
إن نظام الأمن الجماعي عموما من الناحية
النظرية يقوم علي ردع العدوان الفعلي أو
المحتمل مهما كانت مصادره أو القوي التي تحركه أو يتحرك في إطارها ، وأنه يعاقب
دون تحيز أو تمييز أية دولة تنتهك الأوضاع القائمة وتلجأ إلي الاستخدام غير
المشروع للقوة في العلاقات الدولية .
يترتب
على كل ما تقدم ، أن قيام أي نظام بتأدية وظائفه علي الوجه الأكمل في سبيل أمن
جماعي فعلي ، يتطلب التقيد بالبنود التالية :
•
اتفاق شامل علي المبادئ فيما يتعلق بالغايات والوسائل الشرعية
واستثناء غير الشرعية منها.
•
وجود أداة لتنفيذ تلك المبادئ في حالات معينة .
•
إجماع عام علي استخدام تلك الأداة .
الفصل
الثاني : عصبة الأمم
والأمن الجماعي
نشأت عصبة الأمم
"مؤسسة دائمة للسلام" وكراعية لنظام الأمن الجماعي الذي
توصل إليه المجتمع الدولي بعد الحرب
العالمية الأولي .
شكل ميثاق هذه العصبة جزءاً لا يتجزأ من
معاهدات صلح فرساي لعام 1919 . لا تعمل هذه الهيئة الدولية باستقلالية تامة عن
الدول الأعضاء فيها وفوق سلطانها ،بل هي هيئة دولية وليست فوق الدول . تعني بكل ما
يمس السلام في العالم أجمع بدون أن يقتصر عملها علي الدول الأعضاء داخلها.
حددت هذه الهيئة غاياتها بهدفين أساسيين :
•
الأول : صيانة
السلام والأمن الدوليين ومنع الحروب بين الدول .
•
الثاني: تنمية
التعاون بين الدول والعمل علي توثيقه .
•
أما مبادئ التعاون الدولي ، فقد أوجزها ميثاق العصبة بما
يلي :
•
1- مبدأ المساواة في السيادة بين الدول الأعضاء ، هذا يعني تساوي
جميع الأعضاء في حق التصويت في الجمعية .
•
2- مبدأ امتناع كل عضو عن اللجوء إلي الحرب إلا بعد استنفاذ كل
الوسائل الأخرى ، كالمفاوضات الدبلوماسية , والتحكيم ، ورفع الخلاف إلي مجلس
العصبة في حال فشل جميع هذه الوسائل في تسوية الخلاف .
•
3- مبدأ ثالث ارتكزت عليه العصبة وهو مبدأ الأمن الجماعي الذي
تقتصر عليه هذه الدراسة، والذي يفرض مساعدة كل دولة في العصبة في الدفاع عن أية
دولة أخري فيها تقع فريسة للعدوان .
الفصل الثالث : الأمن الجماعي (دراسة
عملية)
لإنجاح سياسة الأمن الجماعي و التمكن من
وضعها موضع التنفيذ يفترض وجود نوع من التضامن بين أعضاء الهيئة الدولية ونظرة
مشتركة للأوضاع الدولية خاصة بين الدول الكبرى المسؤولية عن وضع هذه السياسة
وتنفيذها
فهل كان التضامن قائما بين أعضاء عصبة الأمم
خاصة الدول الكبرى فيها
ولم تكتسب الولايات المتحدة الأمريكية عضوية
العصبة منذ إنشائها مما بدد60% مما لهذه الهيئة الدولية من سلطة ونفوذ
اما فرنسا وبريطانيا فكانت لكل منها نظرة
مختلفة بشأن الدور الذي يجب أن تلعبه عصبة الأمم على الصعيد الدولي
ففرنسا كانت تريد من هذه الهيئة الدولية
القوة و القدرة علي مراقبة ألمانيا وإجبارها علي احترام معاهدات السلم لهذا كانت
تنادي بضرورة إنشاء قوة عسكرية تابعة للعصبة باعتبارها وسيلة حقيقية للأمن الجماعي
ليتسنى لهذا الجيش الدولي الدائم ولهيئة أركانه اتخاذ الإجراءات الحاسمة علي وجه
السرعة أذا نشأخطر .
إما الانجلو _ ساكسون وخاصة انكلترا فقد ذهبوا عكس ما طالبت به فرنسا
فعارضوا فكرة إيجاد قوة عسكرية دولية بحجة أن مثل هذه القوة يخشى منها أن تؤدي إلي
الحد من سيادة الدولة لأنهم لا يخشون تعاظم القوة الألمانية
كانت انكلترا تنتهج سياسة المسايرة إلي حد ما
تجاه ألمانيا لرغبتها في احتفاظ هذه الدولة بقوة شرائية قوية كي تستورد المزيد من
الإنتاج الصناعي البريطاني ولكي تقوم أوروبا دولة قوية تجابه فرنسا
أما ايطاليا و اليابان
فكانت كل منها ومراعاة منها لإغراضها الوطنية الذاتية مناصرة لتعديل التسوية
ومعادية للعصبة و مصممة علي التوسع الإقليمي مع هذا التناقض الظاهر بين الدول الكبرى فان
العصبة بدأت بداية حسنة في تأدية مهامها في حفظ السلم و الأمن الدوليين حتى انه خيل للبعض إن العالم ابتعد عن
الحرب نهائيا لما قامت به هذه المنظمة العالمية من أعمال ناجحة حتى عام 1923م فقد
استطاعت أن تحل بعض الخصومات مثل إصلاح الحالة المالية في قيينا عام 1923م وإيجاد
حل لقضية كورفو بين ايطاليا و اليونان وكذلك لاقت بعض النجاح في عملها الإنساني
ولقد استمرت علي هذا المنوال حتى بعد عام 1923م فقد استطاعت تسوية النزاع البلغاري
اليوناني عام 1925م وتمكنت من إيجاد حل للخصومة بين كولومبيا و البيرو عام 1934م
كما كانت قد حلت النزاع بين بوليفيا و باراجواي عام 1928م
لقد تمكنت هذه المنظمة العالمية فعلا من حل
الخصومات ذات الأهمية البسيطة وتسوية المنازعات الصغيرة ولكنها لم تتمكن من مجرد
الاعتراض علي سياسة الإعتداء التي قامت بها الدول الكبرى المخالفة لنصوص ميثاقها
ولم تتمكن من منع اليابان من مهاجمة الصين في منشوريا عام 1930م كما لم تستطيع منع
ايطاليا من غزو الحبشة عام 1936م وتطبيق العقوبات التي فرضتها الجمعية العامة عليها
كما لم تتمكن من منع ألمانيا من الاعتداء علي النمسا و تشيكوسلوفاكيا وبولندا ولم
تتدخل في الحرب الأهلية الاسبانية لإيقافها ولا في مهاجمة فنلندا وأخيرا أنها لم
تتمكن من منع نشوب الحرب العالمية الثانية
أن اقتصار عمل العصبة علي حل الخصومات ذات
الأهمية البسيطة وعدم تمكنها من ولوجها
القضايا الأساسية علي الصعيد الدولي ليس راجعا فقط إلي الخصومات بين الدول الكبرى
داخلها التي منعتها من وضع مبدأ الأمن الجماعي موضع التنفيذ بل راجع كذلك إلي
الفجوات التي تضمنها ميثاقها
إزاء هذه الحال المتردية التي مرت بها العصبة
عادت الدبلوماسية الأوروبية ووجهت جهودها نحو إعادة تنظيم الأمن الجماعي وذلك من
خلال دعواتها لعقد سلسلة من المؤتمرات كان أهمها مؤتمرا " كان " كانون
الثاني عام 1922م و " جنوى " أيار من العام نفسه بعد إن عرضت بريطانيا
علي فرنسا قيام حلف ثنائي بينهما يحل مكان الحلف الثلاثي الذي سقط مع عدم انضمام
الولايات المتحدة الاميريكية إلى العصبة .
اتجهت المساعي الدولية نحو
تدعيم نظام الأمن الجماعي بأسلوبين اثنين :
الأول : التزام الدول بعدم اللجوء إلى الحرب وباعتماد الطرق السلمية في حل
مشاكلها
الثاني : التزام الدول تحديد قوتها العسكرية وبالسعي إلى نزع السلاح بشكل عام
خاتمة
ومماسبق
يمكن القول أن نظام الأمن الجماعي ومنذ ظهوره مع انشاء عصبة الأمم المتحدة كايطار لأمن الجماعي ثم وصولا الى النظام
الجماعي لمنظمة الأمم المتحدة قد جاء خدمة لمصالح القوى الكبرى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق