الخميس، 18 فبراير 2016

بحث حول مصطلحات : /1السيكلوجيا السياسية /2التحليل النفسي السياسي /3البيولوجيا السياسية /4هندسة العلاقات الدولية /5الاستراتجية /6التاكتيك




بحث حول مصطلحات :
/1السيكلوجيا السياسية
/2التحليل النفسي السياسي
/3البيولوجيا السياسية
/4هندسة العلاقات الدولية
/5الاستراتجية
/6التاكتيك









نبذة عن الباحث :
الطالب :حداد موسى.
الدرجة العلمية :متحصل على شهادة ليسانس في العلاقات الدولية من جامعة -جيجل–الجزائر .



مقدمة :
أولا وقبل كل شيئ الحمد لله الدي وفقنا لاتمام هدا العمل حتى يستفيد منه كل باحث وطالب للعلم ،أما بعد ونظرا لقلت الكتابات والبحوث وصعوبة الوصول الى أصل (اثملوحيا) وتعريف (انطلوجيا ) وجدور  أو (جنيالوجيا) العديد من المصطلحات السياسية والتي يحتاج اليها العديد من طلبة  العلوم السياسية  في مسارهم الدراسي والمهني على السواء وبعد جهد كبير ارتأينا أن نظع بين أيديكم هذا العمل المتواضع والذي اعتمدنا فيه على التبسيط والبعد عن التعقيد معتمدين على منهجية قائمة أولا على الترجمة أي ترجمة المصطلح الى اللغتين الفرنسية والانجليزية ثم أصل الكلمة أي من أي لغة أخدت ثم تعريف المصطلح أو الانطلوجيا ثم جدور المصطلح ثم الفرق أو الفلونوجيابين كل مصطلح من المصطلحات التي سنتطرق اليها .

أولا :السيكولوجيا السياسية والتحليل النفسي السياسي :
/1السيكولوجيا السياسية :
أ /الترجمة :
بالانجليزيةPsychologie Politigue
بالفرنسية Politigue Psychology
ب/ الاثملوجيا :
هي كلمة اغريقية مكونة من كلمتين :
الأولى : (Psyche) وتعني الروح والعقل
) وتعني العلم Logos: الثانية
والمعنى المركب :علم الروح والعقل
ج/ الانطلوجيا :
السيكلوجيا السياسية هو العلم الذي يهتم بضبط وارشاد السلوك السياسي الشعوري وتوجيهه نحو العقل السياسي السوي.
د الجنيالوجيا :بدأهذا العلم مع "هارولد لازويل"سنة 1901_1978حيث ركز على الدعاية واستعمالها في الحرب وتأثيرها على الشخصية السياسية وبناء المواقف والاتجاهات.
وسنة 1927قام كل من ZhuveوZhunton بدراسات أدمجا فيها القياس النفسي في قياس الآراء السياسية .



/2التحليل النفسي السياسي :
 :الترجمة/أ
بالانجليزيةPoliticalPsychonalisis
بالفرنسية PsychonalysePolitigue
هي كلمة اغريقية مكونة من كلمتين :
مافوق :Ana
المرونة :Lusis
والمعنى المركبة هو المرونة الشديدة أومافوق المرونة.
 :الانطلوجيا/ب
التحليل النفسي السياسي :هو دراسة سلوك سياسي لايجاد الدوافع الشعورية أو اللاشعورية التي تحركه لتشخيص المرض أو الاضطراب النفسي الذي يخلق هذه الدوافع أو إضافة مرض سياسي جديد ثم بناء ايطارتحليل لمعالجتها .
 :الجنيالوجيا/ج
كان علم النفس الفزيولوجي هو المسيطر في ألمانيا سنة 1896تم استعمل أول مرة  مصطلح علم التحليل السياسي.
بعدها سافر "هارولد لازويل"الى أوروبا وكان له احتكاك مع المدرسة الفرويدية وعندما رجع ألف كتابه "علم الامراض النفسية والسياسية"، وهو نفسه عنوان كتاب" فرويد" علم الامراض النفسية والحياة اليومية".
سنة 1950صدرت دراسات "لتيودور أدورنو" حول الشخصية التسلطية مستعملا مفاهيم" فرويد" ثم في الولايات المتحدة الامريكية هناك معاهد متخصصة في هذا المجال متطورة جدا.
د/الفلولوجيا :
علم النفس السياسي يحدد ويوجه ويرشد السلوك أكثر من أن يفسره ويبحث عن الأسباب التي تحركه عكس التحليل النفسي السياسي .






ثانيا/البيولوجيا السياسية وهندسة العلاقات الدولية :
/1 البيولوجيا السياسية :
أ /الترجمة :
بالانجليزيةBiopolitics
بالفرنسية La Biopolitigue

ب /الاثمولوجيا :
أصلها من الكلمة الاغريقية (Bio)وتعني الحياة .
 :الأنطلوجيا/ج
البيولوجيا السياسية هي دراسةالسلوك السياسي بالتركيز على الجانب الحيواني والفطري فيه ،وكذى قياسا على السلوك التنظيمي النزاعي والتعاوني لدى الكائنات الحية الأخرى .
د/الجنيالوجيا :
ترجع الى دراسات "أرسطو طاليس" البيولوجية ولاسيما لمجتمع الأسود،تم" توماس هوبس" الدي درس ما أسماه بالطبيعة الشريرةللإنسان أو الانسان التنين ، ثم جاءت دراسات "هالمس مورغانتو" والواقعيين الدين تبنوا أفكار"هوبس" ونمودج التنين ،بعدها جاءت الدراسات المعاصرة وأهمها بحوث الفرنسي "قاسطون بوتول" في كتابه "علم الحرب" بدراسة النزاعات عند الحشرات والحيوانات.
وبعدها جاءت دراسات البنتاغون الأمريكي واستلهام أسلحة من الطبيعة مثل الأسلحة البيولوجية والكيماوية .
:هندسة العلاقات الدولية/2
أ /الترجمة :
International RelationsEnngeniringبالانجليزية
ب /الاثمولوجيا :
مشتقة من الكلمتين اللاتنيتينNation)(وتعني العرق والمولد و( Ingigiriarius) وتعني يحصد ويبني وينتج.
 :الأنطلوجيا/ج
هندسة العلاقات الدولية هي بناء العلاقات الدولية بالشكل الذي يزيد التعاون بين الوحدات وينقص من العلاقات النزاعية بينها انطلاقا من الإصلاح القانوني والمؤسساتي .


د /الجنالوجيا :
ترجع أول محاولات هندسة العلاقات الدوليةالى أعمال المفكر السياسي الروماني" شيشرون "والدعوة الى المساواة الإنسانية على أساس الاخلاق ،ثم جاءت محاولات" ايمانويل كانط" ثم بعدها جاء القانونيون ومحاولة إقامة السلطة الدولية ،ثم بعدها جاء السلوكيون الجدد والتأصيل العلمي لهندسة العلاقات الدولية على أساس اكتشاف القوانين العلمية التي تحكمها .
 :الفلولوجيا/ه
البيولوجيا السياسية تفسر السلوك السياسي وهندسة العلاقات الدولية تسعى لتغييره.
ثالثا/الاستراتجيةوالتكاكتيك :
 :الاستراتجية/1
أ /الترجمة :
بالانجليزيةStrategy
بالفرنسيةStrategie
 :الاثمولوجيا/ب
مشتقة من الكلمة الاغريقية (Strategia)وتعني فن إدارة الجيوش ،كما تعني مكتب الجنرال أين تتم عملية إدارة وتسيير الحروب
ب /الانطولوجيا :
هي عملية تخطيط ووضع لأهداف بعيدة ومتوسطة المدى ، وتوجيه ومراقبة الموارد المتاحة لتحقيقها .
ملاحظة :طور المصطلح في المجال العسكري ، ثم عمم استعماله في باقي المجالات الأخرى ، الاقتصادية ،الاجتماعية ……الخ .
 :الجنيالوجيا/ج
الاستراتجية كظاهرة يرتبط ظهورها بظهور الحروب في العلاقات الدولية ،فمند المرحلة القبلية كان قادة الجيوش يضعون استراتجيات تمكنهم من قهر جيوش الطرف الآخر ، ومن بين الاستراتجيات القديمة نذكر :الحرب الاستباقية مثالها في التاريخ الإسلامي غزوات المسلمين ضد الامبراطوريات المجاورة لاسيما الرومان،واستراتجية الاحتواء :مثل تحالف الرومان مع البربرلاحتواء قرطاج في حدودها
أما كمصطلح علمي ،فقد استعمل بهذه الدلالة من طرف "صان تسو" ، في كتابه "فن الحرب" ،كما لم تكن مساهمات كلاوزفيتش بعيدة عن هذا المعنى ، ثم جاءت نظريات الجيوبوليتيكا لكل من "راتزل""وماكيندر" ، ثم أبحاث مركز الدراسات الاستراتجية الأمريكي " Rand "



:التاكتيك /2
أ /الترجمة :

Tacticsبالانجليزية
Tactigueبالفرنسية
ب /اثمولوجيا :
.Art Arrangementمشتقة من الكلة الاغريقية  Taktikeوتعني فن الترتيب والتنظيم
ج /أنطلوجيا :
هو عملية وضع أهداف قصيرة المدى ،تمكن الفاعل السياسي من تحقيق أهذافهالاستراتجية فالتخطيط التاكتيكي هو الذي يمكن من التجسيد الميداني للاهدافالاستراتجية.
 :الجنيالوجيا/د
أنه تماما كالاستراتجية تزامن ظهور التاكتيك بظهور الحروب في العلاقات الدولية، من أشهر الخطط التاكتيكية في تاريخ الحروب نذكر : حصان طروادة ،استعمله الاغريق لاحتلال مذينة طروادة ،حيث قام الجنرال "Ulyss"بصناعة حصان خشبي قام باخفاء جنوده داخله وقدمه لحاكم طروادة كهدية ،فنجحة خطته في اختراق الحصن واحتلال المدينة ،وكذلك قطع الامداد اللوجستي للعدو :الحصار وضرب مصادر التزود بالماء كما فعل المسلمون في حربهم ضد قريش .
د /الفلولوجيا
الأهداف الاستراتجية بعيدة ومتوسطة المدى والاهداف التاكتيكية قصيرة المدى ولاتخرج عن ايطار الأهداف الاستراتجية فهي تنفدها وتجسدها.
























نظم سياسة مقارنة



                                  جامعة- تاسوست-
                               قسم العلوم السياسية
                 محاضرات في مقياس النطم السياسية المقارنة
من اعداد الطالب: حداد موسى






نظم سياسة مقارنة


  1.                           إعداد
  2. موسى حداد











جانفي 2012


الجزء الأول
الفصل الأول
الإطار النظري









توطئة:
السياسة المقارنة هي أحد فروع العلوم السياسية الرئيسة, تسعى إلى اكتشاف أوجه الشبه وأوجه الخلاف للظاهرة السياسية ( أنماط الحكومات في عصرنا الحاضر). هناك صعوبتان تواجهان هذه الدراسة؛ الأولى: تتصل بصعوبة الدراسة وماهية الأعمال التي تشكل جوهر النشاط الحكومي. والثانية: هي الأهم فإنها تتصل بعلاقة بين القيم من ناحية وبين النشاط الحكومي من ناحية أخرى، وذلك باعتبار أن لكل حكومة من واقع ميراثها التاريخي شيئا من الخصوصية يجعل تنميط الحكومات وتصنيفها محلا للتساؤل. تتبع مراحل تطور الفكر الإنساني حول هذا الحقل بدءا بأطروحات أرسطو ودراسته لدساتير دولة المدينة وانتهاء بعصرنا الحالي.

يمكن التمييز بين مستويين تحليليين أساسيين في نطاق السياسات المقارنة:
أ‌.   أفقي: وهو مقارنة نشاط الحكومة داخل المجتمع بنشاطات مجموعة وحدات الحكم المحلي وربما ببعض الوحدات الأصغر مثل اتحادات التجار والكنائس والشركات التي تتفق مع الحكومة في مضمون وليس في حجم النشاط.
ب‌. رأسي: ويعتمد على أسلوبين؛ مقارنة تطور نفس الحكومة عبر فترات تاريخية مختلفة، وقد سيطر هذا النوع من التحليل بالفعل على دراسة السياسات المقارنة زمنا طويلا يكشف عن أوزان المتغيرات المختلفة في تأثير على النشاط الحكومي ودرجة استمرارية هذا التأثير. مقارنة مختلف حكومات العالم المعاصر، وفي هذا استخدمت معايير شديدة الاختلاف.

ماهية وتطور؛ الحكومات المقارنة، والسياسة المقارنة، والتحليل المقارن، والمنهج المقارن.
هناك مصطلحات أربعة يستخدمها علماء السياسة كمفردات والمقررات الدراسية والمصنفات العلمية والتصنيفات المكتبية تستعمل أي منها دون أبداء السبب. يعتبر التحليل المقارن جزء هاما من أية دراسة عملية في أي علم من العلوم، وبالتالي فهو (في علم السياسة) بمثابة جوهر التفسير السياسي. وهكذا يتضح أن مفهوم السياسة المقارنة يستوعب المفاهيم الثلاثة الأخرى فضلا عن أنه أكثرها دلالة في التعبير عن حقل النظم السياسية المقارنة.

يعايش فرع السياسة المقارنة تطورا سريعا وضخما يشهد له سيل متدفق من البحوث والدراسات النظرية والتطبيقية، على أن حدود هذا الفرع لم يتفق عليها علماء السياسة بعد. في حين ينكر البعض وجود ما يسمى بعلم السياسة المقارنة، ويطابق فريق آخر بينه وبين علم السياسة المعاصرة. يقف بين النقيضين عدد كبير يرى أن السياسة المقارنة ميدان دراسي تابع لعلم السياسة، وإن لم تكن له ذاتيته واستقلاله عن بقية فروعه، يختص بمعالجة النظم السياسية من منظور مقارن.
 لم يبرز كعلم قائم بنفسه إلا في العقدين الأخيرين بفضل المحاولات المكثفة والمتواصلة التي ترمي سواء إلى تطوير نظرية عامة للأنظمة السياسية، أو إلى تطوير نظريات جزئية في إطار النظرية العامة تعني بأبنية معينة تنتمي إلى أنماط نظامية مختلفة.

هناك فريقا آخر يحذر من توسيع نطاق السياسة المقارنة لحد شموله علم السياسة ذاته، ويطالب بوضع حدود لعلم السياسة المقارنة، ويعبر عنه بموقفين:
الأول: أنه لا يجوز التوسع في فهم محتوى السياسة المقارنة إلى الحد الذي تختفي معه الفواصل بينهما وبين علم السياسة، ثم بينهما وبين فروعه الأخرى كالعلاقات الدولية والنظرية السياسية.
الثاني: وجوب التوسع في محتوى السياسة المقارنة بوصفها تحليلا مقارنا للنظم السياسية وذلك بزيادة كم ونوعية النظم السياسية الرئيسية والفرعية موضع الدراسة توخيا لفهم أعمق وأشمل للمؤسسات السياسية وأنماط التفاعل السياسي في مختلف الدول.

هذا الفرع من العلوم السياسية يعنى بإجراء المقارنة بين:
1.    النظم السياسية ومركباتها.
2.    الأفكار والمواقف والأفعال.
3.    اللاعبون السياسيون.
4.    شكل الحكومة وعملية صنع القرار.
5.    الثقافة السياسية السائدة.
6.    الحراك السياسي (المشاركة، والتنشئة).
7.    الأحزاب، جماعات الضغط.
هناك ثلاثة مداخل ومدارس فكرية مختلفة في وجهات نظرها حول طبيعة البحث السياسي وغاياته وأهدافه ومناهج بحثه فيما يتعلق بالنظم السياسية المقارنة:
1.    المدخل التقليدي الذي يستمد جذوره من التيار المحافظ.
2.    المدخل السلوكي الذي تمتد أصوله إلى المدرسة الليبرالية.
3.    المدخل ما بعد السلوكي الذي يستند إلى الاتجاهات الراديكالية المعاصرة.


روّاد السياسة المقارنة
أرسطو الإغريقي (القرن الرابع قبل الميلاد)
حدد أرسطو الإطار النظري للمقارنة في الخطوات التالية:
1.    تحديد المشكلة (الأسباب التي تؤدي إلى الاستقرار أو عدمه).
2.    تجميع حالات متعددة في العالم المعاصر له.
3.    تصنيف الحالات طبقاً للمعايير التالية:
                                                                                                                                                             i.      عدد الحكام.
                                                                                                                                                           ii.      كيفية ممارسة الحكم.
                                                                                                                                                         iii.      البنية الطبقية وتوزيع السلطة والقوة .
                                                                                                                                                         iv.      الربط في دوال رياضية بين العناصر السابقة.
ظل نموذج أرسطو متبعاً حتى عصر النهضة (شيشرون، توما الأكويني، ميكيافيلي، جون بودان).

مونتيسكيو (الفرن الثامن عشر الميلادي)
لم يكتف بتصنيف النظم الأوروبية، بل كان أول من درس نظما من خارج أوروبا (الصين، تركيا، فارس). كان إدراكه لأثر البيئة المحيطة بالنظام على بنائه ووظائفه مصدراً أساسياً للعديد من نظريات السياسة المقارنة في القرن العشرين. من الملاحظ أن ماركس يلتقي مع مونتيسكيو في الاهتمام بالنظم غير الأوروبية ومقارنتها بالأوروبية وبالتركيز على الذات الأوروبية الذي يرى تفوقها وسبقها لغيرها في السلم الحضاري. وسبب السبق يكمن فيما أطلق عليه مونتيسكيو الاستبداد أو الطغيان الشرقي، أو ما قال عنه ماركس نمط الإنتاج الأسيوي.

ألكس دي توكفيل (1805-1859)م
يشترك مع مونتيسكيو (ثري درس القانون ومارس الرحلات) التأكيد على دور المحيط. اتبع نفس منهجية أرسطو ومونتيسكيو في تصنيف النظم طبقاً لمعيارين:
                                                                                                                                             أ‌-         وجود الحرية أو عدم وجودها.
                                                                                                                                          ب‌-      عدد الذين يشاركون في العملية السياسية.
أما منهجه في إجراء المقارنة فيأتي على مستويين:
                                                                                                                                             أ‌-         مقارنة داخل الوحدة عبر الزمان.
                                                                                                                                          ب‌-      مقارنة دولتين من خلال دولة ثالثة
كارل ماركس (1818-1884)م
قارن ماركس بين الظواهر عبر المجتمعات والثقافات والتاريخ بناء على محكات أربعة للمقارنة؛ هي:
1.    نمط وعلاقات الملكية كجزء من النظام القانوني للمجتمع.
2.    تقسيم العمل كجزء من النظام الاقتصادي.
3.    تحديد موقع الدولة في يد أي طبقة.
4.    الهدف من الانتاج (لإعادة إنتاج علاقات الانتاج أم لمصلحة من يقوم بالإنتاج).
تجاهل ماركس تماما عوامل الدين والفلسفة والتكنولوجيا كمحددات منهجية في المقارنة. ولكنه طرح ثلاثة استخدامات للتحليل المقارن:
1.    بناء المراحل التطورية: الشيوعية البدائية، العبودية، الإقطاع، الرأسمالية، الشيوعية العلمية.
2.    إعادة تفسير المجتمعات المختلفة (علاقة الدولة بالمجتمع: مدخلات ومخرجات)
3.    تحديد وتشخيص الفترات أو الظواهر التاريخية.

ماكس فيبر (1864-1920)م
ربط ماكس فيبر بين دراسته المقارنة للأديان بمقارناته للنظم الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. فقد قارن نظم الري في روما القديمة بالنظم الهندية والجرمانية. وركز على ضرورة المقارنة عبر التاريخ الذي اعتبره (معمل التجربة البشرية). كان اقترابه المقارن بمثابة مرحلة انتقالية (علميا ومعرفيا)، إلى المدرسة السلوكية، ولما بعدها. رفض التجريبية التاريخية التي انتجت منهج دوركايم، وكذلك المقارنة القائمة على القوانين والتشريعات. حرص على فهم الظاهرة من خلال مقارنة الحالات الفردية.

يقول ماكس فيبر أن التمايز والاختلافات الاجتماعية تُحدد أساساً بالسياسة وجزئياً بالدين ولكنها لا تحدد بالاقتصاد. وهذا ما جعل البعض يرى أنه حاول تقديم بديل للمادية الماركسية، في حين أكد أنه لا يريد بناء تفسير مثالي في كتابه (الأخلاق البروتستانتية وروح الرأسمالية).

الاقترابات التقليدية
تعرف المرحلة التقليدية في السياسة المقارنة على أنها المرحلة السابقة على الثورة السلوكية. بدأ فيها علم السياسة بالاستقلال عن الفلسفة والقانون والتاريخ وعلم الاجتماع. برزت في المرحلة التقليدية ثلاث مدارس فكرية في علم السياسة ومنه إلى السياسة المقارنة وهي:
المدرسة المثالية الرشيدة (القانون/المؤسسة).
1.                                 المدرسة الوضعية المادية (القوة/الواقع/المادة).
2.                                 المدرسة السلوكية (الفرد/السلوك/رد الفعل/التأثير).
في ظل المثالية والوضعية هناك ثلاث اقترابات: التحليل السياسي، التحليل القانوني، التحليل المؤسسي.
في حين ظهر في ظل المدرسة السلوكية: اقتراب التحليل البنائي الوظيفي.

المدرسة الوضعية المادية
يعتبر ديفيد هيوم أحد الرواد الأوائل للوضعية المادية، إذ نادى بأن المعرفة المستندة على الخبرة (التجريبية الحديثة) معرفة موضوعية. ترى الوضعية المادية أن المقولات والأطروحات تكتسب معناها الحقيقي فقط عندما يتم التحقق منها بالملاحظة التجريبية، فهي تميز بين العلوم التجريبية وغيرها مثل المنطق والرياضيات. وكذلك وفرت الأساس المعرفي للمدرسة السلوكية المعاصرة في علم السياسة.

إن مفاهيم وقوانين ونظريات العلم التجريبي تختلف عن التصورات الأخرى حول العالم والطبيعة مثل التصورات الميتافيزيقية. وعليه، تفترض الوضعية المادية أنه يمكن الوثوق بالتعميمات حول العالم فقط إذ تم صياغتها واختبارها من خلال التجربة العملية.

المنظور الطبقي
انصرف الفكر الأوروبي إلى محاولة تطوير نماذج تحليلية ونظريات تستفيد من مزايا التحليل الطبقي وتنطلق من نقاط قوته وتظل محافظة على الأبعاد الأيديولوجية والسياسية والمسلمات الخاصة بالمجتمع الرأسمالي. وفي هذا السياق جاءت نظريتي النخبة والجماعة اللتين تؤكدان على ضرورة المحافظة على النظام والاستمرار والتكيف وحل الصراعات بصورة سلمية. وقد انطلقتا من الاقتراب من الظاهرة السياسية من زاوية مدخل التكوينات الاجتماعية سواء أكانت طبقات أو جماعات أو جماعة صغيرة تمثل النخبة أو النخب وجماعة كبيرة تمثل الجماهير.

يرى المنظور الطبقي أن الظاهرة السياسية متغير تابع لهذا التراتب الاجتماعي بغض النظر عن الخلاف حول شكل هذا التراتب وأسبابه ونتائجه. إن العلاقة بين هذه التكوينات الاجتماعية تقوم على وجود نمط ما أو درجة ما من الصراع حيث البعض يحكم والبعض الآخر يُحْكَم. إن فهم العملية السياسية ونتائجها يستلزم بداية فهم التكوينات أو الجماعات الاجتماعية التي تسّير النظام سواء كانت طبقة أو جماعة أو نخبة. جاءت نظريتا النخبة والجماعة والطبقة منطلقة من التحليل الطبقي لتقدم إجابات رأسمالية محافظة على أسئلة ماركسية. هذه الاقترابات الثلاثة تمثل خلطة أو حزمة منهجية يمكن أن تُدرس بها السياسة المقارنة وتحلل بها المشكلات الاجتماعية والسياسية بصورة أفضل. يتكون التحليل الطبقي من الوحدات الجزئية التالية:
1.    الطبقة [علاقات الانتاج، المحددات غير الاقتصادية للطبقة (المكانة، السلطة)، القوة].
2.    هيكلية البناء الطبقي في المجتمع الرأسمالي [الاقتراب الثنائي، الثلاثي، الرباعي، السداسي، مساواة الطبقة والجماعة].
3.    هيكلية البناء الطبقي في العالم الثالث [الهرمي، الهيراركي، المتشابك/المتداخل، التبادلي/التداولي].
4.    التحليل الطبقي واقتراب الصراع.

نظرية النخبة
إن اتخاذ النخبة كوحدة للتحليل السياسي ونظرية للتفسير يعود إلى محاولات حثيثة غربية رأسمالية لمعارضة نظرية الطبقة وتقديم بديل لها. وقد عمل كل من موسكا وباريتو أن تحويل مفهوم الطبقة الماركسي القائم على علاقات الإنتاج الاقتصادية إلى مدخل سياسي يقسم المجتمع إلى حاكمين ومحكومين. من الناحية المعرفية، لم تستطع نظرية النخبة الخروج من أسر نظرية الطبقة المعرفي. تعايش اقتراب النخبة مع الاقترابين المؤسسي والقانوني منذ أواخر القرن التاسع عشر إلى بداية المرحلة السلوكية مطلع القرن العشرين (1920) حيث أصبح من أكثر الاقترابات استخداما في العلوم الاجتماعية.
مسلمات نظرية النخبة
1.  تنتظم كل المجتمعات حول قيم معينة منها الثروة، القوة، والهيبة، والمكانة. وتختلف هذه القيم من مجتمع لآخر، ومن فرد لآخر، مما يخلق عملية تصنيف تراتبي في المجتمع.
2.  كل النظم السياسية تنقسم إلى شريحتين هما: الحكام، والمحكومين. الأولى هي النخبة، وهي الأكثر أهمية في النظام السياسي لأنها تملك القوة السياسية.
3.  هناك مجموعة محددة من النخب في كل مجتمع وليس نخبة واحدة. يقول ريمون أرون: أن وجود نخبة واحدة موحدة يعني نهاية الحرية، ووجود نخب متعددة متنوعة مشتتة يعني نهاية الدولة.

نظرية الجماعة
تعتبر نظرية الجماعة المحاولة الثانية للفكاك من نظريات المرحلة التقليدية، والخلاص الأيديولوجي من المنظور الطبقي. وقد أسهمت بنجاح في نقل حقل السياسة المقارنة من المنهجية التقليدية إلى المنهجية السلوكية، ولكنها لم تتجاوز البعد المعرفي للتحليل الطبقي. هذا وقد تم استيعابها ونظرية النخبة في سياق التحليل الطبقي وفرضياته. انفردت نظرية الجماعة في النظر للمجتمع على أنه منقسم بصورة رأسية وأفقية إلى جماعات، وليس بصورة أفقية فقط إلى طبقات أو نخبة وجماهير. كما ساهمت في بروز البنائية الوظيفية عند ألموند وباول.
تدور نظرية الجماعة حول ثلاثة مفاهيم: جماعة المصلحة، والقوة، والصراع، وذلك ضمن سياق مفهوم التعددية الديمقراطية. تركز على دراسة وتحليل علاقة الجماعات بعضها البعض، وكذلك بتحليل التفاعلات بين الأفراد داخل الجماعة أو بين الجماعات المختلفة. يرى ديفيد ترومان أن الجماعة هي (أيّ مجموعة من الأفراد لها بعض الخصائص المشتركة وتسعى نحو تحقيق أهداف معينة ذات طابع سياسي). ألموند وباول وكولمان صنفوا الجماعات إلى: جماعات المصالح التضامنية، جماعات المصالح المؤسسية، جماعات المصالح غير المنظمة، جماعات المصالح الوقتية المؤقتة.

طرحت نظرية الجماعة العديد من المفاهيم مثل: القوة، المصلحة، الصراع. وأثارت العديد من التساؤلات الهامة مثل:
1.    ما هي العلاقة بين بنية الجماعة وبنية النظام؟.
2.    لماذا وكيف تتشكل الجماعات؟ وما هي أنواعها، وكيف تتصل بالنظام؟.
3.    ما هي أنواع الصراع والتعاون بين الجماعات أو الجماعة الواحدة؟.
4.    كيف يكون حجم الجماعة وتنظيمها عاملاً محدداً في تحقيق أهدافها؟.
5.    كيف تسهم الجماعة في تمكين الباحث من فهم العمليات المتعلقة بالتغيير الاجتماعي والسياسي؟.

المدرسة السلوكية
المدرسة السلوكية هي البحث المنظم عن تعميمات أو قوانين عامة عن طريق صياغة النظريات التجريبية والتحليل التقني وإثباتها من أجل تحقيق ذلك الغرض. لذا، فإن هذا المذهب يرتكز على قاعدتين متلازمتين هما: صياغة المفاهيم والفرضيات بطريقة منظمة وما يسمى بطرق البحث الامبريقية (التجريبية). السبب في ظهور المذهب السلوكي هو مجموعة من العلماء ذوي الاتجاه الكمي الذين استرعت انتباههم مفاهيم العلوم الاجتماعية. لقد انطلقت أبحاثهم من فرضية أن دراسة الظاهرة السياسية يجب أن تصبح محررة من تأثير القيم الاجتماعية وذلك لارتباطها بتحليل مفاهيم القوة والتعدد والتأثير. وبناء على المدرسة السلوكية، اعتمدت لجنة السياسة المقارنة سبع وحدات أساسية للمقارنة بين النظم، وهي:
1.    وضع النظام.
2.    البيئة المحيطة بالنظام.
3.    النخبة.
4.    عملية صنع القرار.
5.    مفاهيم السلطة والشرعية.
6.    السياسات العملية.
7.    أداء النظام.
أما الأسس العامة للمدرسة السلوكية فتكمن في:
         إمكانية تحويل علم السياسة إلى علم قادر على التنبؤ والتفسير.
         طبيعة علم السياسة تقترب كثيراً من علم الإنسان بيولوجياً منه إلى علم الفيزياء والكيمياء.
         اقتصار علم السياسة على دراسة الظواهر السياسية التي يمكن ملاحظتها سواء على مستوى السلوك الفردي أو الجماعي.
         تنتقد المذهب المؤسسي لاستحالة دراسة سلوك المؤسسة بعيداً عن أفعال وأقوال الأشخاص الذين يؤدون الوظائف فيها.
   المعلومات يجب أن تكون كمية والنتائج مبنية عليها. المعالجة الكمية الرياضية هي السبيل الوحيد لاكتشاف العلاقات والانتظام.
   تنظر إلى علم السياسة كفن يحدد الأهداف التي تسعى الدول لتحقيقها والشكل الذي يجب أن تتخذه لكي تستطيع تحقيق تلك الأهداف.
   تنظر إلى قيم الديمقراطية والعدالة والحرية وغيرها من المفاهيم والقضايا الأخلاقية والعقائدية التي يركز عليها التيار التقليدي على أنها قيماً من الصعوبة قياسها علمياً. لذا، فهي خارج نطاق البحث الشرعي.
   السلوك السياسي هو فقط شكل من أشكال السلوك الاجتماعي. لذا، يجب أن يكون علم السياسة متداخلاً مع غيره من العلوم الأخرى.
الانتقادات الموجهة للمدرسة السلوكية
تنصب الانتقادات في مجموعها على رفض مقولة إمكانية تحول علم السياسة إلى ”علم“ بالمفهوم الأكاديمي للمصطلح وذلك لعدة أسباب:
         صعوبة إن لم يكن استحالة دراسة السلوك الإنساني سواء كان فردياً أم جماعياً بالنزاهة العلمية المجردة.
   القوانين التي تحاول تقديم تفسير للسلوك السياسي إنما هي محاولة محكوم عليها بالفشل مسبقاً. فهناك الكثير من الأسباب والمتغيرات التي تحد من محاولة الوصول إلى قوانين عامة عن الانتظام السياسي.
         التركيز على دراسة السلوك السياسي فقط لا يغطي سوى جزء بسيط من مجموع القضايا الأساسية لهذا العلم.
         أنماط السلوك الإنساني يأخذ شكلاً أو آخر نتيجة اختلاف التراكيب والصيغ والقواعد الاجتماعية التي يعيش الفرد من خلالها.
   الإحاطة بالنظريات الكمية ومن ثم تطبيقها على علم السياسة يعتبر هدفاً صعب الحصول. فهذا الأسلوب يتطلب وجود مفاهيم محددة يمكن قياسها وصياغتها كمياً.
         هناك واجب أخلاقي يقع على كاهل علم السياسة يتمثل في ضرورة إعطاء الأهمية المطلوبة للأمور المدنية.
   على علم السياسة واجب الارتباط بقضايا ”الصح والخطأ“ حتى وإن كانت قضايا صعبة الدراسة تجريبياً. وتجاهل أو عدم الاهتمام بهذه القضايا يثير تساؤل حول شرعية وأهمية هذا العلم.
   يجب الأخذ بعين الاعتبار ضرورة المحافظة على ذاتية وشخصية واستقلال علم السياسة، على الرغم من ارتباطه بالعلوم الأخرى.

نظريات المدرسة السلوكية
1.    نظرية النظم:   
         نموذج ديفيد إيستون.
         نموذج كارل دويتش.
2.    النظرية البنائية الوظيفية  
نموذج ديفيد إيستون
اعتبر ايستون النظام نسق أو مجموعة من المتغيرات المعتمدة على بعضها البعض والمتفاعلة فيما بينها.  وركز على البيئة المحيطة بالنظام وتأثيراتها. وقال إن الحياة السياسية على أيّ مستوى يمكن النظر إليها كنظام للنشاط والسلوك السياسي الذي يمكن فصله للدراسة عن غيره من الأنظمة على الأقل للتحليل. نظر إلى العملية السياسية كنظام مستقل مكون من عدة عناصر: الهوية والكينونة، المدخلات والمخرجات، التمايز داخل النظام، تكامل النظام. وأكد على أن النظام غائي تهدف كل وظائفه لتحقيق غاياته.
نموذج كارل دويتش
اعتمد دويتش على (المعلومة) كوحدة لتحليل النظم السياسية، معتبراً إياها جوهر العملية السياسية. والنموذج يتحدث عن نظام سياسي يقوم على استقبال المعلومة من البيئة التي تضغط عليه دائماً بمطالب معينة مشكلة حملاً على النظام. الحمل هو المفهوم المحوري الثاني في نموذجه ويعني به الرسائل والمعلومات القادمة من البيئة. أما الفترة التي يستغرقها النظام ما بين استقبال الحمل والرد عليه بعد تفسيره وترجمته أطلق عليها (Lag) وهي المفهوم الثالث. العملية التي تحدث للمعلومة منذ استلامها وحتى الرد عليها يطلق عليها (Distortion)، وهو المفهوم الرابع. الرد نفسه يطلق عليه (Gain)، وهو المفهوم الخامس ويقصد به مقدار التغير الذي قام به النظام للتعادل والتكيف مع البيئة نتيجة للحمل الذي حمّلته إياه. ثم يأتي رد فعل البيئة على هذا التغير أو على الـ (Gain)، في صورة تغذية راجعة تدخل في صورة معلومة جديدة وحمل جديد. يتحدث دويتش على أن النظام يقوم دائماً بتعديل سلوكه بناء على المعلومات الجديدة الواردة إليه أو التغذية الراجعة أو المعلومات المحفوظة في الذاكرة. أعطى دويتش اهتماماً كبيراً لميكانزم التصحيح الذاتي الموجود في ذاكرة النظام.

جذور البنائية الوظيفية
أتى علماء الاجتماع أمثال: سان سيمون، أوجست كونت، إميل دوركيم، ماركس، وماكس فيبر بمفهوم الوظيفية من صلب علم الاجتماع. بدأت تهيمن على ساحة علم الاجتماع من عشرينات القرن العشرين (رويرت ميرتون، تالكوت بارسونز). والنظرية الوظيفية جزئية وليست كلية مقارنة بالماركسية أو الإسلام حيث النظرة الشاملة للمجتمع والكون. أوجد كونت القطيعة بين قرون الميتافزيقيا، والقرن التاسع عشر، الذي أسماه القرن الوضعي العلمي، حيث برزت تصورات جديدة تتعلق بالنظام السياسي والاجتماعي والمعرفي. فقد بشر بوراثة العلماء والفلاسفة ورجال الصناعة لرجال العهد الميتافيزيقي البائد (بنظام اجتماعي سياسي يرتكز على العلم والفلسفة والصناعة).

بدأ التعامل الواقعي العملي العلمي مع الظواهر عندما اعترف سان سيمون بمفهوم المواطنة وأعلى من شأنه على حساب مفهوم الكونت والدوق واللورد والسيد. كما اعتبر سايمون أن الدين ظاهرة اجتماعية، وجَّرده من كل مقدس يدور حوله. هذا في الوقت الذي كان فيه تعامل كونت الواقعي مع الظواهر أبلغ أثراً، إذ جعل ظاهرة الدولة نمطية وقسمها إلى ثلاثة أنماط تعبر عن ثلاثة مراحل:
1.    الدولة الثيولوجية (المرحلة اللاهوتية).
2.    الدولة الميتافيزيقية (المرحلة الميتافيزيقية - الطبيعية).
3.    الدولة العلمية (المرحلة الصناعية)، الفكر الوضعي العلمي.
المرجعية العلمية
المرجعية العلمية للبنائية الوظيفية تكمن في: العلوم الطبيعية، والعلوم البيولوجية. وتؤكد على مبدأين أساسيين هما:
1.    المجتمع مثل الجسم البشري كلية متكاملة.
2.    لا يمكن فهم أيّ عضو من أعضاء الجسم إلا في إطار كلية الجسم.
وهذا يؤدي بنا لاستخلاص:
1.    أن العضو جزء من كُلّ، والعلاقة الرابطة بينهما هي حصراً علاقة تكاملية.
2.    ثمة تكامل بين الوظيفة المنفردة للعضو والكلية.

يعتبر دوركيم أن الممارسة الاجتماعية لا ينبغي أن تعتمد على الحتميات، ويؤكد على نسبية الوظيفة. ويرى أن ما يقف خلف نسبية الظاهرة الاجتماعية اعتبارين هما:
1.  صعوبة اعتماد التحليل الحتمي في علم الاجتماع. فالظاهرة الاجتماعية نسبية بحكم نسبية الظروف المنتجة لها وكذلك المتحكمة فيها.
2.    لا يبحث علم الاجتماع في علة الظواهر بقدر ما يبحث عن الوظيفة التي يمكن أن تؤديها (العلاقات والأدوار).
كيف تنظر البنائية الوظيفية للمجتمع وكيف تتصوره؟.
المجتمع عند البنائية الوظيفية نسق من الأفعال والبُنى المحددة والمنظمة. هذا النسق المجتمعي يتألف من متغيرات مترابطة بنائياً ومتساندة وظيفياً. طبيعة المجتمع متسامية ومتعالية تتجاوز وتعلو على كل مكوناته بما فيها إرادة الإنسان. هذا السمو والتجاوز والتعالي يلزمان الأفراد بالانصياع لهذه الطبيعة المتسامية والالتزام بها. إن أيّ انحراف عنها أو عدم انصياع لها يهدد أسس بناء المجتمع (حيث المحافظة على المجتمع وصيانته ودعم استمراريته غاية في حد ذاتها). إن للمجتمع ضمير جمعي يسمو ويعلو على ضمائر الأفراد مجتمعين ومنفردين. وهو (المجتمع) حسب البنائية الوظيفية مجموعة لا متناهية من البُنى، وكل منها يقوم بوظيفة محددة.

إن التوازن في البنائية الوظيفية واقع وهدف يسعى المجتمع إلى تحقيقه لضمان بقائه واستمراره وتعزيز قدراته على أداء وظائفه. فالتوازن يتحقق بعمليات التناسق بين مكونات البناء، والتكامل بين وظائفه الأساسية. وهو يعمل على تحقيق الخط المقبول مفهوماتيا من قيم ومعايير وثقافة وأفكار يرسمها المجتمع لأفراده لا يملكون حق الخروج عليها وإلا أوقعوا أنفسهم تحت طائلة الجزاء والضبط الاجتماعي الرسمي.

النظرية البنائية الوظيفية
انتقلت الوظيفية من الأنثروبولوجيا إلى علم الاجتماع ومنه إلى علم السياسة. جاءت الصياغة الأخيرة لها في علم السياسة على أيدي جبرائيل ألموند الذي أفضل نموذج للحفاظ على النظام السياسي والتكامل والتكيف وتحقيق الأهداف. وهو هنا يشترك مع بارسونز في كل الأهداف من وراء التحليل الوظيفي. تعود الوظيفة عند ألموند إلى مصادر أربعة أساسية:
1.    البنائية الوظيفية (الأنثروبولوجيا).
2.    نظرية الجماعة (ديفيد ترومان).
3.    نظرية النظم (ديفيد إيستون).
4.    أنماط الشرعية (ماكس فيبر).

جاء تحليل ألموند للظاهرة السياسية على مستويات ثلاثة: مستوي النظام، مستوى العملية السياسية، مستوى السياسة. وظائف النظام عند ألموند: التنشئة السياسية، التجنيد السياسي، التعبير عن المصالح، تجميع المصالح، الاتصال السياسي. طور ألموند النموذج حيث نظر إلى النظام السياسي على مستويات ثلاثة:
1.    قدرات النظام.
2.    وظائف التحويل.
3.    وظائف الاستمرار والتكيف.
قدرات النظام:
1.    الاستخراجية.
2.    التنظيمية.
3.    التوزيعية.
4.    الرمزية.
5.    الاستجابية.
وظائف التحويل:
1.    التعبير عن المصالح.
2.     تجميع المصالح.
3.    صنع القاعدة.
4.    تنفيذ القاعدة.
5.    التقاضي بموجب القاعدة.
6.    الاتصال السياسي.
وظائف الاستمرار والتكيف:
1.    التنشئة السياسية.
2.    التجنيد السياسي.

الفصل الثاني
ماهية النظام السياسي

تعددت المسميات في الكتابات الغربية التي تناولت مصطلح النظام السياسي، فقد عُبر عنه بــ:Political System، Political Regime، Government. الفكر الغربي يفرق بين مصطلح Government كمرادف للنظام السياسي، وبين مصطلح الحكومة كمرادف لمصطلح الوزارة Cabinet، وهي إحدى مؤسسات النظام السياسي أو المؤسسة التنفيذية للنظام. أهم سمات النظام السياسي الفارقة له عن النظم الأخرى أنه يقوم على أساس علاقة بين حكام ومحكومين. ظاهرة السلطة هي التي تضفي على النظام السياسي صفته وطبيعته المميزة له عن النظم الاجتماعية. النظام السياسي بصورة منفردة، عبارة عن مجموعة من العمليات والظواهر والضوابط المرتبطة بالسلطة والوظيفة والصلاحية والنفوذ. تتفاعل وتتشابك في إطار بنائي وتنظيمي معين. يرتبط بصفة عامة بالتفاعلات المتداخلة المتعلقة بعمليات صنع القرار وإدارة الأنشطة المقترنة بالسلطة داخل المجتمع.

يعرف هارولد لاسويل النظام السياسي بأنه أهم ظاهرة سياسية يتم بواسطتها تحديد من يحصل على ماذا، ومتى، وكيف؟. لاسويل يختزل النظام السياسي في بعده الوظيفي، وينهج منهجا سلوكيا حين يؤكد على أن تحليل النظام والسياسات يتطلب التعرف على طبيعة النخبة داخل النظام السياسي. وهذا بالضرورة يقتضي تناول الخصائص الشخصية كالسمات والمهارات وتأثير الأبعاد الاجتماعية. تعريفه مستمد من نموذجه الاتصالي التي ترى أن عملية الاتصال السياسي أو الرسالة الإعلامية قد لا تتحقق إلا إذا قمنا بتحديد من الذي (يقول) ماذا (إلى) من (عبر) أي وسيلة (ما هو) التأثير المستهدف.

يرى كارل دويتش متأثرا بنظرية الاتصال أن النظام السياسي هو نظام اتصال يتسم بالقدرة على توجيه سلوك الفرد الذي يعتبره دويتش الوحدة الأساسية للتحليل السياسي. إن النظام السياسي لديه يقوم بعدة وظائف منها: ما يرتبط بالأهداف التي يسعى النظام لتحقيقها، منها ما يرتبط بالحفاظ على وحدة النظام واستمرار يته، ومنها ما يرتبط بالتكيف مع البيئة الداخلية والخارجية، ومنها ما يرتبط بتكامل وظائفه.

أما ماكس فيبر، ينطلق في تعريفه للنظام السياسي من المدخل الوظيفي ويربط بينه وبين عنصر القوة. يرى أن النظام السياسي هو الذي يحتكر أو يمتلك حق الاستخدام الشرعي للقوة. كما يربط بين عنصر الشرعية الذي يخول حق استخدام القوة ويؤكد أن شرعية النظام قد تتحقق من خلال ثلاثة مصادر:
1.  مصادر بدائية تتمثل في التقليد والأعراف والموروث الثقافي والديني لدى الأفراد داخل المجتمعات غير المتطورة (التقليدية الثيوقراطية).
2.  السمات الشخصية مثل التفوق والبطولة والخلق الحسنة التي يتسم بها بعض القادة أو الزعماء، تلك التي تضفي من القبول والتأييد الذي يتحول إلى درجة ما من الشرعية (الكاريزما). وهي ترتبط بالمجتمعات التقليدية أيضاً.
3. مصادر قانونية، وترتبط بالقواعد الدستورية والحدود والضوابط القانونية التي حازت على رضا وقبول المجتمع، والتي يتم تخويل السلطات وتتحقق شرعية النظام القانونية.

أما جبرائيل ألموند، فيرى بأنه نظام التفاعلات الذي يقوم بوظائف التوحيد والتكيف في جميع المجتمعات المستقلة. يمارس النظام السياسي تلك الوظائف باستخدام القسر المادي أو بالتهديد باستخدامه سواء كان استخدامه شرعياً أو استبدادياً. هذا في حين أن ديفيد إيستون يعرف النظام عموماً على أنه مجموعة التفاعلات المرتبطة بنمط سلوكي محدد. أما النظام السياسي فيعرفه بأنه تلك المجموعة من التفاعلات التي تحدث داخل أيّ مجتمع والتي ترتبط بما أسماه عملية التخصيص السلطوي للقيم. كما يعتقد إيستون أنه يمكن تحليل أيّ نظام سياسي من خلال دراسة وظائفه وتركيبه ومكوناته. أما روبرت ماكيفر، عالم الاجتماع السياسي الأمريكي، فيقول في كتابه (تكوين الدولة)، أن النظام السياسي هو أداة إدارة الدولة التي تحدد السياسات وتنفذها. كما يدلل ماكيفر في مواقع متعددة من كتابه بأن العائلة هي النواة الأولى للحكومة أو النظام السياسي.

كل التعريفات السابقة للنظام تغلب عليها النظرة الوظيفية، ويمكن الخروج منها بالتعريف التالي للنظام السياسي:
هو القيم الشرعي على أمن وصالح الفرد والمجتمع، وهو الصانع أو الصائغ الشرعي لما يحدث فيه من تغيير، وهو المسيطر والقائم على إدارة كل موارد المجتمع بموجب الصلاحيات المخولة له، وهو الذي يمتلك أو يحتكر حق الاستخدام الشرعي للقوة.
أما النظام السياسي بمفهومه السلوكي، فهو تلك المجموعة المترابطة من الأنشطة السلوكية المقننة التي تنظم عمل القوى والمؤسسات والوحدات الجزئية التي يتألف منها أيّ كلّ سياسي داخل أيّ بناء اجتماعي.

إذا أردنا تعريف النظام السياسي في صورته الهيكلية، نجد أنه عبارة عن: مجموعة المؤسسات التي تتوزع بينها عملية صنع القرار السياسي بشقيها التشريعي والتنفيذي. ومع افتراض ثبات مسئولية الجانب التشريعي للقرار وانحصارها في سلطة البرلمان في كل النظم السياسية، يمكن التمييز بين نظام وآخر، وذلك بالنظر إلى طبيعة الهيئة أو الجهة التي تتحمل مسئولية الشق أو الجانب التنفيذي للقرار. فعل سبيل المثال، حينما تكون المسئولية مسندة لشخص واحد، يكون النظام رئاسياً. وحينما تكون المسئولية مسندة لحكومة مسئولة أمام البرلمان، يكون النظام برلمانياً.

خصائص النظم السياسية
لكل نظام سياسي خصائص معينة يتسم بها وتتحدد وفقا ً لــ:
1.    المحيط البيئي الذي يتفاعل داخله.
2.    الرؤى والأهداف التي تحكم طبيعته.
3.    الأسس العامة التي تقوم عليها مؤسساته.
4.    المشاركة السياسية.
5.    دور الفرد داخل النظام.
6.    مقدار إسهام الفرد في صنع القرار.
ما سبق من خصائص لا يتعارض مع مجموعة من الخصائص الأخرى التي تشترك فيها النظم السياسية، وهي على النحو التالي:
1.          الشكل.
2.          تعقد التركيب.
3.          البنية.
4.          الوظيفة.
5.          التخصص.
الشكل
لكل نظام سياسي شكل أو إطار هيكلي أو بناء محدد. ونعني بالشكل عموما الهيكل أو البناء التنظيمي للنظام السياسي، والمرتبط بالمؤسسات الموجودة داخل الدولة وطبيعة كل منها. يُحَدّْد شكل النظام وملامحه من خلال الدستور الذي يحدد إطار وطبيعة وعمل النظام. تتعدد النظم السياسية من حيث الشكل إلى نظم رئاسية بسلطات واسعة للرئيس، أو رئاسية برلمانية بسلطات مضيقة أو مقلصة للرئيس، أو ملكية مطلقة، أو ملكية برلمانية، أو برلماني محض.
تعقد التركيب
كل النظم تتسم بالتركيب المعقد، ويرجع ذلك إلى:
1.    النظام السياسي نظام فرعي متشابك مع نظم فرعية أخرى ومتفاعل معها في نظام كلي هو النظام الاجتماعي العام.
2.  النظام السياسي نفسه يتفرع إلى عدة نظم فرعية، وأنه يهدف إلى تحقيق عدة أهداف ويؤدي عدة وظائف. هذا فضلاً عن كونه يتكون من عدة وحدات جزئية تعرف بالمؤسسات السياسية.
البُنْيَة
البنية بمفهومها العام أو بمعناها الهندسي، هي الطريقة التي تتجمع بها أجزاء الكل الواحد. هي نظام  العلاقات (Links) القائم بين أجزاء الكل والتي تبرز طبيعة العلاقة بين هذه الأجزاء في النظام. البنية السياسية هي النسق الذي يتحقق فيه انسجام الوحدات الجزئية للنظام السياسي مع الكل (تحقيق التكامل). يذهب البعض مذهباً بعيدا في تقدير الأهمية المنهجية لمفهوم البنية أو ما يسمى بمنهج التحليل البنيوي إلى حد اعتبار أن علم السياسة كله هو علم العلاقات بين الأبنية السلطوية. فينظرون إلى النظام السياسي كله على أنه البنية السياسية الكبرى المؤلفة من بنيات أصغر.
الوظيفة
تنحصر وظيفة النظم السياسي بصورة عامة في تحقيق أهداف المجتمع والحد من تناقضاته، والحفاظ على النظام ووحدته واستمراريته. تختلف الطبيعية الوظيفية للنظام السياسي ومحدداتها من نظام إلى  آخر باختلاف الاتجاهات والرؤى السائدة داخل النظام. تلك الاتجاهات والرؤى التي ترتبط بدورها بطبيعة العلاقة بين النظام السياسي والنظم الأخرى داخل البناء الاجتماعي.
التخصص
يرتبط هذا التخصص بوجود المؤسسات التي تلعب الأدوار الوظيفية المختلفة داخل النظام السياسي. مسألة التخصص ترتبط بعملية تحديد الأهداف الموكلة للمؤسسة السياسية وأسلوب تقديم تلك الأهداف، سواء على المستوى العام للمؤسسة أو على المستوى الأقل داخل أفرع المؤسسة الواحدة. التخصص مسألة نسبية في كل النظم السياسية بغض النظر عن درجة تطور النظام أو الطبيعة السياسية التي يتسم بها. على الرغم من أهمية التخصص، إلا أن تلك المسالة هي شيء صعب التحقق مهما بلغت درجة إحكام تنظيم تحديد الوظيفة أو أسلوب تقديمها. وذلك نظراً لتداخل وتشابك وحدات وأهداف ووظائف النظام السياسي مع بعضها البعض.

نظرية السلطة
حال ما يطرح مصطلح نظم سياسية، يستحضر الذهن تصورات حول: السلطة، الدولة، الشرعية. فالسياسة هي السلطة، والسلطة تعني الدولة أو تحيل إليها. لا سياسة دون دولة، و/أو سلطة سياسية. مفاهيم السلطة والدولة التي نتحدث عنها اليوم ليست بالضرورة هي نفسها التي استعملها علماء السياسة والاجتماع منذ بدء التنظير للسياسة. هذه المفاهيم متحركة غير ثابتة، يؤثر فيها المكان، والزمان، والإنسان، وانتاجاته.
مفهوم السلطة
يقترن مفهوم السلطة اليوم لدى الإنسان العادي بالدولة، وهي اليوم التي تمتلك حق احتكار القوة والسلطة السياسية العامة. السلطة بالمفهوم الاجتماعي سابقة في وجودها على سلطة الدولة. الدولة جاءت لتحتكر ممارسة السلطة العامة التي كانت تمارس قبل وجود الدولة من قبل رب الأسرة، أو زعيم القبيلة، أو أفراد المجتمع. وعليه، فالسلطة ظاهرة اجتماعية قبل أن تكون ظاهرة سياسية. السلطة هي علاقة خضوع وتبعية، ظاهرة طبيعية في أيّ مجتمع، ترافق الفرد منذ طفولته، في المنزل، الحيّ، المدرسة، العمل....ألخ.

فكرة عيش الإنسان دون خضوعه لسلطة ما، هي فكرة خيالية، فوجود السلطة سابق على وجود الدولة. تجربة السلطة في العائلة هي التجربة الأغنى والأعمق تأثيرا من بين تجارب السلطة التي يعيشها الإنسان الاجتماعي. منذ أن بدأ الإنسان يعيش في جماعة ألزم نفسه بالخضوع لبعض الأنظمة، وتنفيذ بعض الأحكام. وهذا هو الأصل الاجتماعي للسلطة. السلطة معترف بها في كل مجتمع إنساني حتى في المجتمع البدائي. السلطة دوما في خدمة بنية اجتماعية لا يمكنها المحافظة على نفسها بنفسها بتدخل العُرف أو القانون فقط، أو بنوع من التقيد التلقائي بالقواعد. إذ لا يوجد أيّ مجتمع تحترم فيه القواعد تلقائيا. وعليه، فوظيفة السلطة، الدفاع عن المجتمع ضد نقائصه وضد التهديدات الخارجية.
تعريف السلطة
يعرف (م.ج. سميث) السلطة على أنها القدرة على التأثير فعليا على الأشخاص والأمور باللجوء إلى مجموعة من الوسائل تتراوح بين الإقناع والإكراه. (ماكس فيبر) يعرفها: بالإمكانية المتاحة لأحد العناصر داخل علاقة اجتماعية معينة ليكون قادرا على توجيهها حسب مشيئته. أو هي إمكانية خضوع جماعة معينة لأمر محدد المضمون. أما (ج. بيتي) هي الحق المعترف به لشخص أو جماعة برضا المجتمع في اتخاذ القرارات المتعلقة ببقية أعضاء المجتمع. (تالكوت بارسنز) يقول بأنها: القدرة على القيام بوظائف معينة خدمة للنسق الاجتماعي باعتباره وحدة واحدة. (موريس دوفرجيه) هي مفهوم معياري، يحدد وضع من يحق له الطلب من الآخرين الامتثال إلى توجيهاته في علاقة معينة.
كيّ تكون السلطة شرعية يجب أن تحظى بالقبول والاعتراف من لدن الأفراد المشكلين للجماعة. وسواء كانت شرعية أم غير شرعية فهي تفترض وجود عنصر الإكراه. إذا لم يتوفر عنصر الإكراه، فإن علاقة التبعية والخضوع للسلطة تندرج ضمن مفهوم النفوذ. وهو يعني السلطة المجردة من الإكراه. دوفرجيه لا يكتفي بتوفر عنصر الإكراه للقول بوجود السلطة، بل يشترط توفر الشرعية أيضاً (قبول المجتمع للسلطان). يميز (لاسويل وكابلان) في كتابهما (السلطة والمجتمع 1950)، السلطة عن النفوذ بالقول: إن التهديد بالجزاء هو الذي يميز السلطة عن النفوذ بصورة عامة. فالسلطة تؤلف حالة خاصة من حالات ممارسة النفوذ.

السلطة إذن ملازمة للطبيعة البشرية وتتضمن عنصريّ السيطرة والكفاءة. السيطرة ضرورية لإخضاع الناس بالإكراه، ولكن الإكراه لوحده قد لا يكون كافيا لضمان عملية الإخضاع، فتأتي الكفاءة والشرعية لتسهلا عملية الخضوع وتشرعنها. لم يشهد التاريخ قيام سلطة سياسية بدون قوة، والسلطة السياسية هي التي تتبلور مع وجود الدولة، أيّ مقترنة بعنصر الإكراه والقوة. السلطة تكون سياسية عندما تُمارس في المجتمع الكلي كسلطة سيدة نفسها، بمعنى أن ممارسيها لا يخضعون لأيّ سلطة أخرى. الدولة هي المحتكرة لممارسة السلطة بما يعني احتكارها ممارسة الإكراه والقوة.
شرعية السلطة
يقر العديد من علماء السياسة وعلم الاجتماع بالوجود الواقعي للسلطة السياسية بغض النظر عما كانت شرعية أو غير شرعية. الشرعية تأتي بعد أن تصبح السلطة واقعا في الغالب. ويبرز هنا السؤال: ما هو المقصود بالشرعية؟ وما هي مقومات أو عناصر السلطة الشرعية؟ ومن أين تكتسب الشرعية؟. الشرعية تستمد من القناعة والإيمان، وهي بالمعنى الاجتماعي السياسي صفة لنظام يحظى أو يحوز على رضا وقبول الأغلبية من السكان. وعليه، فهي متبدلة بتبدل الواقع الذي يعبر عنه الشعب أو يريده. قد يحدث أن يُقسم الناس بين شرعيتين، فيحدث آنذاك صراع على السلطة تسعى فيه كل فئة إلى إقامة نظام يعتمد توجهاتها السياسية والقيمية.

السلطات العامة في الدولة
أول من تناول السلطات العامة للدولة وتقسيماتها في العصر الحديث الإنجليزي جون لوك. فقد أوضح في كتابه (الحكومة المدنية) ضرورة الفصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية مع إعطاء الأولوية والصدارة للتشريعية. جاء بعد ذلك الفرنسي مونتيسكيو ونادى بالفصل بين السلطات التي عرضها في كتابه (روح القوانين) حيث اقترنت هذه النظرية باسمه.
السلطة التنفيذية
هي مجموعة المناصب الموزعة على مختلف المواطنين في الدولة لتنفيذ أعمال ومهمات منصوص عليها ضمن القانون. وهي تشتمل على جميع الأجهزة الإدارية. تتكون السلطة التنفيذية من:
1.  رئيس السلطة التنفيذية: تختلف طريقة مجيئه للحكم (وراثة،انتخاب، تعيين)، وكذلك مدة بقائه في المنصب وسلطاته وعلاقاته بالسلطات الأخرى، وذلك باختلاف الدول ونظم حكمها المطبقة فيها.
2.    المجلس التنفيذي: يتكون من عدد الوزراء، يختص كل منهم بقطاع من قطاعات الدولة.
3.  رؤساء الوحدات الإدارية الكبيرة: يكونون على درجات مختلفة ومتباينة حسب الدول المختلفة فيما يتعلق بعلاقاتهم بالرئيس التنفيذي والسلطة التشريعية.
4.    الموظفين المدنيين: وهم العاملون في الأقسام الإدارية المختلفة.
واجبات السلطة التنفيذية
1.    الواجبات السياسية الدبلوماسية.
2.    الواجبات العسكرية.
3.    الواجبات الإدارية.
4.    الواجبات التشريعية (يكون لرئيس الدولة حق اقتراح قوانين على التشريعية وأحياناً حق الاعتراض).
5.    الواجبات القضائية (التصديق على الأحكام، العفو العام).

السلطة القضائية
تعمل على تفسير وتطبيق القواعد والمبادئ القانونية والدساتير المكتوبة على القضايا المعينة التي تعرض عليها. أحياناً يعمل القضاة كمشرعين وفق مبادئ العدل والإنصاف إن لم يجد في مواد القانون ما يسعفه. يترك أمر تعيين وعزل القضاة لرئيس السلطة القضائية ذاتها والذي يعين من رئيس الدولة مباشرة باستشارة الهيئة العليا للقضاء.
طرق اختيار القضاة:
1.    السلطة التشريعية (سويسرا).
2.    الانتخاب الشعبي المباشر (أمريكا).
3.    السلطة التنفيذية (معظم دول العالم). وهذا يتنافى مع الفصل بين السلطات.
صفات القاضي:
1.    العدالة.
2.    التحلي بالأخلاق الحميدة
3.    الإلمام بالقوانين.
4.    الاستقلال.
ضمانات استقلال القضاء:
1.    إبقاء القاضي في عمله حتى سن القانونية للتقاعد.
2.    وضع شروط صعبة لعزل القاضي.
3.    وضع قواعد لتنظيم مرتبات وترقيات القضاء.

السلطة التشريعية
تحتل مكان الصدارة بين السلطات الثلاث حيث تصدر القوانين التي تنظم شئون الدولة، وتنفذها التنفيذية وتطبقها القضائية. تقوم بوظيفة الرقابة والمساءلة للتنفيذية، وتتكون إما من مجلس واحد أو مجلسين.
1.    نظام المجلسين: يرجع إلى تطور النظام السياسي الإنجليزي إلى مجلس لوردات، وآخر للعموم. يمثل الأول الطبقة الارستقراطية، والثاني يمثل عامة الشعب.
      مزايا نظام المجلسين:
                                                               أ‌-         نقاش التشريعات مرتين مما ينضجها ويصوبها.
                                                             ب‌-      يوقف أحدهما جنوح الآخر.
                                                             ت‌-      التعبير باستمرار عن إرادة الشعب.
                                                             ث‌-      يحمي حريات وحقوق الأفراد.
                                                              ج‌-       يزيد من حرية حركة الرئيس التنفيذي.
عيوب نظام المجلسين:
                                                         أ‌-         التأخير الدائم في انجاز المهمات.
                                                      ب‌-      يؤدي لتقوية الشعور الوطني في الدول الفدرالية.
                                                      ت‌-      لا يضمن إصدار تشريعات متسرعة.
                                                      ث‌-      زيادة النفقات العامة في الدولة.
                                                       ج‌-       يمثل مرحلة انتقالية في التطور السياسي.
2. نظام المجلس الواحد: كان تطويراً على نظام المجلسين نظراً لبعض عيوبه. تطبقه كثير من دول العالم، ومن الجدير ذكره أنه طُبّق في دول فيدرالية أيضاً مثل: مقاطعات سويسرا وأغلب ولايات كندا، وولاية نبراسكا في الولايات المتحدة.
      مزايا نظام المجلس الواحد:
                                                         أ‌-         سهولته وتحديده للمسئولية تحديداً دقيقاً.
                                                      ب‌-      متابعة للجان والمجالس التي تُولف لوضع الدساتير وتنقيحها.
                                                      ت‌-      انتخابه من الشعب وتوفيره المشورة الحقيقية.
                                                      ث‌-      يعبر عن الإرادة العامة.
                                                       ج‌-       مستودع سيادة الدولة ويمثله تمثيلاً مباشراً.
عيوب المجلس الواحد:
                                                         أ‌-         احتمال إصدار تشريع متسرع غير ناضج.
                                                      ب‌-      جموح المجلس وتطرفه.
                                                      ت‌-      إصدار قوانين استبدادية تقيد حرية الأفراد.
                                                       ث‌-      تقييد حرية رئيس الدولة.
 3. واجبات السلطة التشريعية
1.    إصدار القوانين بما يتماشى مع الأوضاع والظروف المتغيرة من حيث التعديل والإلغاء.
2.    إصدار أو تعديل الدستور.
3.    إصدار الميزانية العامة.
4.    الرقابة على الشئون الداخلية والخارجية للدولة.
5.    تمارس أعمال غير تشريعية (صحة انتخاب الأعضاء ورفع الحصانة).

العلاقة بين السلطات
كما ذكرنا سابقاً، فقد عالج مونتيسكيو مبدأ فصل السلطات ورأى أن تستند كل منها إلى هيئة مستقلة. لا يعني ذلك أن تكون كل واحدة منها في عزلة تامة عن بقية السلطات. بل هناك نوع من الرقابة المتبادلة، وذلك بهدف منع استبداد أحداها على البقية، وحماية حريات وحقوق المواطنين.
 مزايا الفصل:
1.    منع الاستبداد وحماية الحريات والحقوق الفردية.
2.    ضمان مبدأ الشرعية.
3.    تحقيق مبدأ التخصص في العمل.
عيوب الفصل:
1.    تأخير الانجاز من خلال تقييد حرية السلطة التنفيذية في مواجهة الظروف.
2.    عدم تحديد المسئولية الوطنية العامة تجاه القضايا والموضوعات.
3.    مبدأ فصل السلطات وهمي/ فهو من الناحية العملية لا وجود له.
4.    عدم تمشي الفصل مع وحدة السيادة.
5.    صراعات ومشاكل عملية في النظام الأمريكي أدت لتجاوز المبدأ.
6.    الهدف منه تاريخياً نزع السلطة من الملوك المستبدين.
اتجاهات الدول في العلاقة بين السلطات
1.    الفصل التام بين السلطات:  النظام الرئاسي الأمريكي.
2.    الإدماج التام بين السلطات: نظام الجمعية الوطنية.
3.    الفصل المرن بين السلطات: في إطار التعاون والرقابة المتبادلة.

الدستور
الدستور هو القانون الأسمى والأعلى في الدولة، بل هو أبو القوانين كلها. هو مجموعة المبادئ الأساسية التي تنظم جميع العلاقات بين مركبات الدولة كلها محدداً الصلاحيات والمسئوليات للمراكز المختلفة في الدولة، والمدد الزمنية التي تحكم انتهاء صلاحيات ومسئوليات تلك المراكز، وكذلك كيفية تجديدها لتداول السلطة فيها سلمياً.
أنواع الدساتير
         من حيث المعيار الشكلي:
1.    الدساتير المكتوبة.
2.    غير المكتوبة.
         من حيث أسلوب التغيير:
1.    الدستور المرن.
2.    الدستور الجامد.
         التقسيم الواقعي:
1.    الدساتير الممنوحة.
2.    الدساتير الموضوعة.
3.    الدساتير المتطورة.
خصائص الدستور
1.    واضح ومحدد، مانع للخلاف خالياً من الالتباس.
2.    شاملاً، يعالج نشاط الحكومة كله محدداً للخطوط الأساسية لنظام الحكم وطريقة ممارسته.
3.    موجزاً، لا يتدخل إلاّ في الخطوط العريضة للحكم.
4.    أن يتضمن طريقة تعديله حتى يجنب البلاد التعرض للثورات أو اختلال النظام السياسي.
5.    يتجاوب مع الأحوال الداخلية؛ بمعنى توزيع السيادة قانوناً وفقاً لواقع القوى السياسية.
طرق وضع الدستور
1.    المنحة من قبل الحاكم على شكل وثيقة رسمية.
2.    إثر تشكيل دولة جديدة.
3.    إثر ثورة داخلية.
4.    نتيجة التطور التاريخي الطبيعي.
طرق تعديل الدستور
1.    عن طريق مُصْدِر الدستور.
2.    بواسطة الشعب.
3.    عن طريق السلطة التشريعية.
4.    بواسطة السلطة القضائية.
5.    عن طريق العادات والتجارب.
6.    عن طريق لجنة حكومية، أو مؤتمر دستوري.
7.    عن طريق الاستفتاء العام.
















الفصل الثالث
نظرية النخبة
توطئة
لا يستطيع الباحث الإمساك بالظواهر الاجتماعية والسياسية وتقليبها أمام عينيه لفحصها، وتحليل أجزائها، ومن ثم فهمها وتفسيرها دون وسائط معينة تتمثل في المفاهيم، والمناهج والنظريات. من خلال هذه الوسائط أو الوسائل يتم نقل الظواهر والأحداث من الواقع إلى العقل الإنساني ليتمكن من فهمها وتحليلها وتفسيرها. مقدار ما يستطيع الإنسان فهمه من الواقع محكوم بمدى قدرة الوسيلة على النقل. لن يستطيع الباحث أن يفهم من الظواهر إلا ما تتمكن الوسيلة من استيعابه ونقله وما يستشف معها وينسجم مع أبنيتها وأدواتها. الوسيلة ليست أداة محايدة تنقل الواقع كما هو وتعكس الحقيقة في مجملها، وإنما هي طرف في علاقة ثلاثية طرفاها الآخران هما العقل الإنسان والواقع الاجتماعي.

 أن الواقع معقد متشابك، غير قابل لأن يحاط به في جميع جزئياته ومكوناته  والوسائل المستخدمة كمدخل لفهم وتفسير الظاهرة الاجتماعية والسياسية متعددة ومتنوعة. والحال هكذا، يصبح من الضرورة أن يحيط الباحث بنظريات حقله المعرفي حتى يفهم إمكانات كل نظرية وحدودها ومواطن قوتها وضعفها، وقدراتها التفسيرية، حتى يستطيع أن يحقق مفهوم"التكافؤ المنهاجي" أو"اللياقة المنهجية" التي تعني أن يكون هناك قدر من التكافؤ والتناسب بين الظاهرة موضع البحث والدراسة والمنهج أو النظرية التي يتم الاقتراب من خلالها لهذه الظاهرة

المعطيات المنهجية لنظرية النخبة
تعتبر نظرية النخبة واحدة من نظريات المرحلة الانتقالية ما بين التقليدية والسلوكية، وإن كانت قد استطاعت الاستمرار والحفاظ على الحيوية المنهجية والاقتدار التحليلي طوال المرحلة السلوكية وما بعدها. تتحدد المعطيات المنهجية التي تقدمها هذه النظرية عبر النقاط التالية:
1.          تبعية الظاهرة السياسية وعدم استقلاليتها
2.          التقسيم الأفقي التراتبي للمجتمع
3.          تركز القوة في يد أقلية وعدم انتشارها في المجتمع
4.          هناك دائما أقلية مسيطرة على قمة الدولة والمجتمع
5.          كيفية تحديد النخبة وتحليها، وماذا نريد أن نعرف عنها؟


تبعية الظاهرة السياسية
تنطلق نظرية النخبة- مثل التحليل الطبقي ونظرية الجماعات- من افتراض أن الظاهرة السياسية ظاهرة تابعة لظواهر أخرى. لا يمكن فهمها في ذاتها وإنما يتم فهمها من خلال تحليل الظواهر المستقلة التي أوجدتها، لأن النظام السياسي متغير تابع للنظام الاجتماعي. بالنظر إلى التحليل الطبقي كأساس معرفي لنظرية النخبة، نجد أن الظاهرة السياسية متغيرا تابعا لعوامل وعلاقات الإنتاج، كذلك الحال في نظرية النخبة لا يمكن فهم الظاهرة السياسية إلا من خلال فهم وتحليل البنية الاجتماعية القائمة. البنية التي تفترض وجود جماعة صغيرة تسيطر على المجتمع والدولة وتتركز فيها القوة، ومن ثم تشكل الظاهرة السياسية وتحدد أبعادها.

 وعليه، فالتحلل لا بد أن ينصب على هذه الجماعة ويعتبرها المدخل الأنسب لفهم وتحليل العملية السياسية والنظام السياسي في مجمله. وهكذا تختلف نظرية النخبة عن باقي النظريات الأخرى في حقل السياسة المقارنة، مثل (البنائية الوظيفية والنظم وصنع القرار.. الخ)، حيث أن هذه النظريات تنطلق من التسليم باستقلالية الظاهرة السياسية وإمكانية فهمها وتحليلها بالاعتماد فقط على بنيتها الداخلية وتفاعلاتها الذاتية وطبيعة العلاقة بين مكوناتها.

التقسيم الأفقي التراتبي
يقترب منظور النخبة، كرواد التحليل الطبقي- من المجتمع على أساس أنه بنية هيراركية (تراتبية) مقسمة أفقيا إلى مراتب أو طبقات أو درجات بناء على معايير معينة قد تكون اقتصادية أو غير اقتصادية ولكنها في جميع الحالات لا تعترف بالتقسيم الرأسي إلى أعراق وأجناس وأديان وجماعات إثنية أو أقاليم. المجتمع مقسم أفقياً إلى مراتب ودرجات يسودها منطق الصراع والتنافس حيث أن بعضها يحكم والآخر يحكم، وهذا الصراع هو الذي يحدد محتوى واتجاه العملية السياسية. ولكي نفهم النظام السياسي لا بد من تحديد طبيعة وهيكل التقسيم الأفقي للمجتمع ونوع أو نمط العلاقة بين المراتب العليا والدنيا والخصائص الأساسية للفئة الحاكمة.

تركز القوة في يد أقلية
تعتبر النخبة والتعددية طرفي نقيض من الناحية المعرفية. النخبة ترى أن القوة فالمجتمع مركزة في جماعة واحدة، بينما ترى التعددية بتوزع القوة وانتشارها وتشتتها بين الأفراد. ترى النخبة أن المجتمع ينقسم أفقيا إلى أقلية قوية منظمة ذات خصائص معينة وأغلبية واسعة غير منظمة لا تمتلك من القوة الشيء المؤثر، وتخضع لسيطرة النخبة.  التعددية ترى أن المجتمع ينقسم أفقيا ورأسيا إلى جماعات متعددة متصارعة متنافسة، وعليه تقر بحكم الأغلبية.

المحدثون من منظري النخبة يقولون بأنها هي التي تستخدم الجماهير وتنفرد بامتلاك القوة وأن وجود النخبة ليس حتميا وإنما ناتج عن قدرتهم على الانفراد بامتلاك القوة في المجتمع من ثروة أو سلطة أو نظام اتصال جماعي أو تحكم في سريان الأفكار والمعلومات لتشكيل الرأي العام في صالحهم. محك وجود النخبة هو الانفراد بامتلاك القوة في المجتمع بعض النظر عن مبررات ذلك الانفراد أو أسبابه أو وظيفته، فكل النظم السياسية تنقسم إلى شريحتين هما: الذين يحكمون وأولئك المحكومين، والشريحة الأولى هي النخبة وهي الأكثر أهمية في النظام السياسي. حاول بوترمور تطوير مفهوم"النخبة المضادة" جنبا إلى جنب مع النخبة الحاكمة، وقد قصد من وراء ذلك إيجاد علاقة اتصال ضمني بين مذهب النخبة ومذهب الأغلبية أو التعددية 

هناك دائما أقلية مسيطرة
يجمع مختلف منظري النخبة على أن هناك دائما أقلية أو جماعة صغيرة تسيطر على البناء السياسي للمجتمع، وإن اختلفوا حول المفاهيم التي توصف بها هذه الجماعة وحول عددها وتكوينها الداخلي، وحول مصادر قوتها وكيفية حفاظها على بقائها واستمرارها. تجلي هذا الإجماع في النقاط التالية:
1.    تعددت المفاهيم التي أطلقت على هذه الجماعة المسيطرة.
2.    تعددت الإسهامات المتعلقة بالتكوين الداخلي للنخبة.
3.    الاختلاف حول مصدر قوة هذه الجماعة المسيطرة.
4.    ضرورة أن تعمل النخبة على المحافظة على الاستمرار والاستقرار.

كيفية تحديد النخبة
يمكن تحديد النخبة في أي مجتمع سياسي من خلال اقترابات أربعة أساسية:
1.  اقتراب الملاحظة التاريخية، وهو أقدمها استخدمه كل من باريتو وموسكا، ويعتمد على مهارة الباحث والمصادر التي يستطيع الوصول إليها لتحديد من يمكن أن يندرج في إطار النخبة
2.    اقتراب المناصب، ويتم من خلال تحديد عدد من المناصب الرئيسية في المجتمع التي يعتبر من يشغلها ضمن أعضاء النخبة.
3.    اقتراب صنع القرار.
4.     اقتراب السمعة، ويقوم على أساس أن من يشتهر بأنهم أعضاء في النخبة، فهم النخبة .
ماذا نريد أن نعرف عن النخبة؟
أدبيات السياسة المقارنة أكدت على مجموعة محددات أساسية ينبغي البحث فيها عند دراسة النخبة:
1.    الخلفية الاجتماعية سواء الطبقة أو العرقية أو الدينية أو الإقليمية أو التعليمية أو المهني.
2.     السلوك الاجتماعية للسياسي والقيم التي يتبناها ابتداء من القيم السياسية حتى الملابس.
3.    نظرتهم لأنفسهم وللعالم واتجاهاتهم نحو الأحداث.
4.    الخصائص الشخصية من خلال تحليل السلوك الفردي.
تركز نظرية النخبة على أهم مفاتيح فهم الظاهرة ومن ثم تحليلها وتفسيرها بصورة تعكس حقيقتها كما هي دون إعادة تشكيل أوزان متغيراتها أو اجتزائها. المتأمل في نظرية النخبة يتبين أنها تركز على أهم مفاتيح النظم السياسية وتضع في بؤرة التحليل المدخل الأصلح لفهمها وتفسيرها. إذ أن التركيز على قمة النظام السياسي يعطي إمكانات كبيرة للتحليل ويمكن من فهم الظواهر على ما هي عليه ويلتقي مع طبيعة الأشياء في الواقع السياسي والفكري سواء المعاصر أو التاريخي.

إمكانيات نظرية النخبة
أهم الإمكانات التي تجعل نظرية النخبة أكثر مناسبة لدراسة النظم السياسية وتحليلها ما يلي:
1.  لا يمكن أن تمارس السلطة بواسطة الجميع، وأنه لابد أن يكون هناك هيئة تقوم بدور إدارة شئون المجتمع سواء كان ذلك في أكثر النظم ديمقراطية أو أشدها استبدادا.
2.  التاريخ يبرز بصفة دائمة، أن هناك أقلية مارست الحكم وأبدعت الفكر والفن وكأن من يسيّْره ويتدافع فيه جماعات محدودة تقود أممها.
3.  التركيز على الأقلية الحاكمة، أمر يعود إلى بدايات التفكير السياسي عند الإغريق، حيث كان البحث يتجه دائماً إلى تحديد"من يحكم" و ”نوع النظام“.
4.  إن مفهوم الدولة في الخبرة العربية الإسلامية يعني التداول والتغير وليس الثبات والديمومة ومن ثم كان يعني في أحد جوانبه نفس دلالات مفهوم النخبة، وخصوصاً إذا لاحظنا نسبة الدول إلى أسر أو أشخاص مثل دولة الأمويين والعباسيين والأيوبيين....... الخ .
5.  مفهوم الدولة في الواقع العربي السياسي يفتقد الاستقرار والاستمرار، ويختلط بصفة شبه دائمة بمفهوم النخبة المرتبطة بشخص القائد السياسي حيث تتقلب توجهات الدولة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار والعكس طبقاً لطبيعة النخبة وتوجهاتها.
6.  انعدام وجود قواعد واضحة للعملية السياسية في المجتمعات العربية، نظراً لعدم ترسخ الأسس والمبادئ الديمقراطية في ممارستها السياسية، مما يجعل النظام السياسي مرتبط بطبيعة النخبة وقابل للتبدل والتحول طبقاً لتحولاتها الداخلية أو استبدال نخبة أخرى بها.
7.  كل تلك العوامل تمثل قابليات وإمكانات تجعل من نظرية النخبة مدخلاً أكثر صلاحية لتحليل وفهم النظم العربية، لأن الواقع العربي يؤكد باستمرار على أهمية ومحورية دور النخبة فيها.
8.  تحليل نظرية النخبة يمثل مفتاح أساسي لفهم هذه النظم والعمليات المتعلقة بها والنابعة منها، وذلك إذا ما قورن بمدخل الطبقة أو الجماعات إذ لا يمكن تحديد أبنية طبقية في هذه الدول.
9.  الجماعات التي تأخذ وضعاً حيوياً بالنسبة للنظم السياسية الغربية (العملية السياسية تنتج من تصادم المصالح الخاصة بالجماعات والأفراد حيث يتكاملون في الفعل السياسي من خلال الجماعات والهويات السياسية)، فإنها لا تلعب هذا الدور المحوري في الدول الآسيوية والأفريقية ومنها الدول العربية.

إشكاليات نظرية النخبة
إذا كانت العديد من الإمكانات التي تجعل من تطبيق نظرية النخبة في دراسة النظم السياسية العربية أمراً ذا فعالية تحليلية وقدرة تفسيرية عالية، فإن هناك العديد من الإشكاليات التي تحول دون ذلك، وتجعل من توظيفها أمراً محفوفاً بالعديد من الصعوبات المنهجية والواقعية، مما يقلل من تلك الفعالية أو القدرة.  في هذا السياق سنركز على أهم الإشكاليات التي يمكن إيجازها في النقاط التالية:
1.    ارتباك العلاقة بين الدال والمدلول.
2.    إشكالية العلاقة بين الظاهر والحقيقة.
3.    تشابك وتعقد الأسس التي تنهض عليها النخبة.
4.    فعالية الوحدات الرأسية في معظم المجتمعات العربية.
5.    دور القائد السياسي في تأسيس النخبة والحفاظ عليها.
6.    التعايش بين النخبة والنخبة المضادة.
7.    صعوبة الوصول إلى المعلومات المتعلقة بفهم وتحليل النخبة.

تطور نظرية النخبة
بداية ينبغي التأكيد على أن النظريات لا يحكم عليها بأنها صحيحة أو خاطئة وإنما ينظر إليها من باب مساعدتها وتنويرها للباحث حتى يقترب من الحقيقة بصورة أفضل. قد تكون أكثر أو أقل مساعدة في تحقيق ذلك، وبالتالي أكثر أو أقل صلاحية لدراسة هذه الظاهرة أو تلك. أن نظريات السياسة المقارنة ليست متنافسة أو متعارضة بقدر كونها متكاملة إذا ما استطاع الباحث فهمها ومعرفة وتحديد مضامينها وافتراضاتها ومسلماتها. يستطيع أن يوظفها مفردة أو في حزم منهجية متجانسة دون أن يقع الباحث في عملية ابتزاز منهجي إذا ما تأطر بنظرية معينة. وتأسيسا على ذلك نقترح مجموعة من الطرائق المنهجية التي تؤدي إلى زيادة فعالية نظرية النخبة في دارسة النظم السياسية العربية، وذلك من خلال تحقيق تمام التكافؤ بينها وبين هذه النظم، وإكسابها الفعالية في فهم وتفسير الواقع السياسي العربي.

طرائق زيادة الفعالية
1.    اعتماد الإطار العام لنظرية النخبة بعد أن يتم نزع الملابسات التي صاحبت نشأته والتي ارتبطت بتحليلات رواده لمجتمعاتهم وواقعهم التاريخي.
2.    تطعيم هذا الإطار العام بمفاهيم مثل "السراة" الذي يطلق على تلك الفئة الاجتماعية التي تقود المجتمع ولا تنفصل عنه، أو مفهوم ”العصبية“ في صياغته الخلدونية التي لا تقصره على النسب والأصل العرقي وحده وإنما ترى أن بجانبه عصبية انتساب، وتشمل أي تحالف وعلاقات اجتماعية اختيارية، أو مفهوم ”أهل الحل والعقد“ الذي يشمل بداخله ثلاثة فئات هم أهل الاختيار وأهل الشورى وأهل الاجتهاد.
3.    توظيف نظرية النخبة ضمن حزمة منهجية متكاملة العناصر متراتبة الوظائف إطارها نظرية النظم التي قدمها ديفيد إيستون وجوهرها نظرية النخبة وأداتها منهج صنع القرار (يمكن دراسة النظام السياسي بصورة أكثر فعالية حيث تركز نظرية النظم على جانبي المدخلات والمخرجات، ومن خلال نظرية النخبة يمكن فهم الإطار الخارجي لعملية التحويل وبمنهج صنع القرار يتم تحليل الإطار الداخلي لهذه العملية).
4.    الدمج بين نظرية النخبة واقتراب الاقتصاد السياسي في صياغته الماركسية الذي يركز على الخلفيات الاقتصادية للظواهر السياسية.
5.    الدمج بين نظرية النخبة والكوربراتيه، في إطار مفهوم "كارتل النخبة”، حيث يتم النظر إلى النخبة على أساس أنها عبارة عن رؤوس لأعمدة كثيرة، كل رأس منها يهتم بالعمود الذي يمثله ويراعى مصالحه، معتبرا نفسه جزءاً من النخبة وساعياً لتوفيق المصالح مع باقي عناصر النخبة
6.    النخبة عبارة عن ممثلي المؤسسات التعاونية في المجتمع. وهذه كما عرفها شيمتر"نظام لتمثيل المصالح تنتظم فيه وحدات تنظيمية في عدد من الفئات المتمايزة وظيفيا والهيراركية تنظيمياً والإكراهية في الانتماء إليها وغير التنافسية، والتي تكون عادة مرخص لها من قبل الدولة أو أنشأتها الدولة، وتمنح هذه الوحدات حق احتكار تمثيل الفئات المتدرجة داخلها مقابل مشاركتهم في اختيار القيادة وتنظيم المطالب والمساندة.

الفصل الرابع
أزمة الشرعية
مفهوم الشرعية
يثير المفهوم قدراً واضحا جليا من الاختلاف والالتباس بين المفكرين والباحثين المتخصصين. فالشرعية مشكلة مربكة عند الجميع عدا المنظرين الذين يرون السلطة في اعتمادها على القوة اعتمادا أساسياً. فالخلاف بين المفكرين والباحثين لا يعكس اختلافا حول مضمون المفهوم بقدر ما يعكس اختلاف توجهاتهم حول الهدف من دراسة الشرعية. فهي تكمن في المصدر، والمصدر يجب أن يعد شرعياً. تغير المصدر المقبول للشرعية في نظر المجتمع وأفراده يرتبط بعوامل وأسباب كثيرة منها: الاجتماعي، الديني، الاقتصادي، الفلسفي القيمي. إن التباين في ثقافة كل مجتمع عن الآخر يحتم تباعا التباين في أسس ومصادر قيام السلطة وكيفية فهم الجماعة لها ولوظائفها. فالثقافة السياسية الاجتماعية هي الأساس لمفهوم السلطة ولمصدرها وبالتالي لشرعيتها.

الشرعية وماكس فيبر
يعود الباحثون والمهتمون المتخصصون في مسألة الشرعية ومصادرها إلى ماكس فيبر، الذي ميّز بين ثلاثة نماذج للسلطة تعتمد على تصورات مختلفة للشرعية ومصادرها:
1.    التراث والتقاليد.
2.     الزعامة الملهمة الكاريزماتية.
3.     العقلانية القانونية.
السلطة التقليدية
تقوم السلطة التقليدية مستمدة شرعيتها في المجتمعات على أساس الاعتقاد في مبلغ القوة وقدسية العادات والأعراف السائدة. ويرتبط هذا النمط بالمجتمعات الشرقية، في حين عرفته أوروبا في العصور الوسطى (الإقطاع). إن المعتقدات التي سادت منذ زمن طويل وشكلت قواعد أضفت الشرعية على الحكام التقليديين وعززت هيمنتهم وتميز مكانتهم. يكون للقائد أو الزعيم في ظل هذا النمط من السلطة، شخصية مطلقة تصل إلى حد الاستبداد. ويدين له كل أعضاء المجتمع بالطاعة والولاء. تقترن الشرعية بالمكانة التي يحتلها أولئك الذين يشغلون المراكز الاجتماعية الممثلة للسلطة التقليدية. ويعتمد الزعيم أو القائد في إصدار الأوامر على المكانة الوراثية، وتعبر أوامره هذه على رغبات شخصية للقائد أو الزعيم. تتسم بالطابع التحكمي وإن بقي ذلك في إطار وحدود التقاليد والعادات المقبولة. ويرجع ولاء الأفراد وطاعتهم لاحترامهم للمكانة التقليدية/قبولهم وقناعتهم بشرعية الذين يمارسون السلطة التقليدية. ويندرج في إطار هذا النمط ثلاثة أنماط فرعية:
1.    النمط الأبوي.
2.    النمط الرعوي القبلي العشائري.
3.    النمط الإقطاعي.
الأبوي:
         يسود في المجتمعات التقليدية البدائية.
         سيادة منطق الأب في التعامل مع الأبناء (السلطة المطلقة).
         حق الأمر والنهي دون مراجع، والطاعة والالتزام من دون مناقشة.
         العلاقة بين القائد والمجتمع علاقة شخصية مباشرة.
         لا وجود لأيّ أجهزة بيروقراطية أو تنفيذية.
الرعوي القبلي العشائري:
         تأخذ العلاقة بين القائد وأفراد المجتمع طابع سلطة شيخ القبيلة أو زعيمها.
         تنسج هذه العلاقة عبر شبكة معقدة بين البيروقراطيين الموالين للقائد.
         يعتمد في تقديم حكمه على أسلوب توزيع الغنائم على الموالين.
         يحتكر الزعيم وإدارته الثروة في المجتمع، وكذا يوزع المكانات.
 الإقطاعي:
         هو النمط التقليدي للسلطة الذي ساد في أوروبا في المرحلة الإقطاعية.
السلطة الملهمة (الكاريزما)
الكاريزما مصدر مهم للشرعية في المجتمعات غير القائمة على أسس تامة من العقلانية. تلك التي تقوم على الولاء المطلق لقدسية معينة استثنائية مرتبطة بزعيم بطل مهاب ملهم تاريخي وصاحب رسالة. يملك هذا الزعيم البطل فضائل وصفات يعدها أعضاء المجتمع خارقة. يُقْرَن وجوده في كثير من الأحيان (هكذا يراد) بمساندة قوة عليا غيبية أو إلهية (مبعوث العناية الربانية). ارتبط هذا النمط في المجتمعات الحديثة ببعض القادة السياسيين أو الوطنيين سواء كانوا من قادة الدول أو زعماء الأحزاب السياسية: عبد الناصر، ماو تسي تونغ، هو تشي منه، ديغول، عرفات، بن غوريون، بيجن، لينين، ستالين، تشرتشل، أحمد ياسين وآخرين.

أساس شرعية السلطة في هذا النمط إيمان واعتقاد الجماهير بالقائد، وإيمانه بنفسه وخصاله وسماته الفريدة. لذا، ترتبط السلطة ارتباطا وثيقا بشخص القائد الذي لا يتقيد بأيّ قواعد أو ضوابط قانونية حديثة أو عرقية متوارثة. ويعتمد القائد على التأثير العاطفي في الجماهير، ويتصرف وكأنه الوحيد القادر على تقرير مصير المجتمع وتجسيد أهدافه واجتراح المعجزات. شرعية السلطة والنظام السياسي مرتبطة بالانجازات والأعمال الباهرة للزعيم، إذ أن إخفاقه يؤدي لزعزعة ثقة المجتمع به ويخلق حالة من عدم الاستقرار السياسي، ومن ثم الصراع السياسي على صعيد النظام.

السلطة العقلانية–القانونية
يقوم هذا النمط من السلطة على أساس عقلي رشيد مصدره الاعتقاد في قواعد ومعايير قانونية موضوعية غير شخصية. يُعطى القابضون على السلطة الحق في إصدار الأوامر بهدف إتباعها والمحافظة عليها وذلك من خلال القاعدة القانونية. وعليه فطاعة أفراد المجتمع لهذه الأوامر تقوم على إيمانهم بالإجراءات والقواعد الملائمة التي تحظى بقبول الحكام والمحكومين معاً. السلطة والنظام السياسي في ظل السلطة العقلانية-القانونية يستمدان شرعيتهما من القواعد الدستورية والقانونية. البيروقراطية وهيكلها الإداري تجسدان هنا السلطة الشرعية العقلانية القانونية.

نموذج ديفيد إيستون
طور إيستون نماذج فيبر الثلاثة للشرعية وأعاد تركيبها، فحدد ثلاثية أخرى كمصادر للشرعية: الزعامة الشخصية، الإيديولوجيا، الشرعية البنيوية. فقد طور فكرة الكاريزما، بحيث لم يعد ضرورة لتمتع الزعيم الملهم بوضع استثنائي أو امتلاكه لقدسية معينة لكي يدخل في بناء شرعية الحكم. يعتبر إيستون الإيديولوجية مصدرا مستقلا للشرعية مثله مثل المصادر الثلاثة (التقاليد، الكاريزما، والعقلانية القانونية). ويرى النظام السياسي نفسه أداة لها (للإيديولوجية) في الوقت الذي تزوده بشرعية الوجود. النخب السياسية البديلة، أو قوى المعارضة خارج السلطة تطرح وتروج لإيديولوجيا معينة تشكك في شرعية النظام القائم من ناحية وتعد بفعالية أكبر وأوسع من ناحية ثانية.

يؤمن إيستون في المكون البنيوي للمؤسسة، فإذا ما تحولت من بُنى بدائية إلى أخرى معقدة مستقلة بعض الشيء متماسكة في بنائها الداخلي وقادرة على التأقلم مع التطورات المجتمعية، تصبح قادرة على تحويل الثقافة السياسية نحو قاعدة الشرعية الدستورية أو المؤسسية البنيوية.

نموذج مايكل هدسون
قدم مقاربة جديدة بعد إيستون، تضم ثلاث قواعد لبناء الشرعية هي في ذات الوقت ثلاثة مصادر لها:
1.    القاعدة الشخصية (شائعة في النظم السياسية العربية الملكية والجمهورية).
2.    القاعدة الإيديولوجية (الاستعمال الكثيف لها يخبئ في الواقع هشاشة الشرعية المؤسسية للدولة).
3.  القاعدة البنيوية (هي تلك التي تنبع من المؤسسات، وبقدر ما يكون الحكم ممأسسا يزداد الاعتقاد بشرعية القوانين والنظم).
في الوطن العربي، ونظراً لهشاشة القاعدة المؤسسية الشرعية، يكون اللجوء بكثافة إلى بناء الزعامات الفردية وبخاصة اللعب بالرموز الإيديولوجية. مع التأكيد على دور الإيديولوجية كمصدر مهم  ودائم من مصادر الشرعية، فإن الإيديولوجية من دون شك، هي أبعد من أن تشكل العامل الوحيد لإضفاء الشرعية على الدولة والنظام والسلطة. الإيديولوجية تشهد تراجعا نسبيا ملحوظا في تكوين الشرعية السياسية.

نموذج ليبيست للشرعية
يضيف ليبست الفاعلية كمصدر مهم للسلطة وشرعيتها. ويقول الفاعلية التي يتمتع بها نظام سياسي ما دور مهم في بناء شرعيته. يرى أن استقرار السلطة (كنظام) وديمومتها ورسوخها يرتبط بوجود عنصر آخر مهم في كيان السلطة وذاك هو الفاعلية. عنصر الفاعلية في النظام يحول القوة من الكم إلى النوع، ومن ثم إلى حق، والتبعية والطاعة إلى واجب. في غياب الفاعلية تتوجب الطاعة للسلطة بالقوة، وفي وجودها تتوجب الطاعة لسلطة وجوباً وقناعة وقبولا. يقول روسو (الأقوى لا يبقى أبداً على جانب من القوة ليكون دائما هو السيد، إن لم يحول قوته إلى حق وطاعته إلى واجب).

يقرر ليبست أن استقرار النظام السياسي سيكون في خطر إذا ما انهارت الفاعلية لمدة طويلة، أو تكرر انهيارها أكثر من مرة. لمعرفة مدى استقرار المؤسسات السياسية التي تواجه الأزمات، لا بد من معرفة نسبة شرعيتها، ومدى علاقتها بالفاعلية. وعليه، يستنتج ليبست أنه لا يمكن لأيّ نظام سياسي أن يبقى شرعيا بغياب الفاعلية، فهي المعيار الوظيفي لعمل وديمومة شرعية النظام والسلطة السياسية.

مصادر جديدة للشرعية
حملت سنوات العقد الأول من القرن الواحد والعشرين من تحولات ومتغيرات أكبر تناقض في مصادر الشرعية في الحياة السياسية العربية. هذا يعني اننا أمام تحولات جذرية في مفهوم الشرعية السياسية ومصادرها مستندة إلى موجة من العقلانية الجديدة لم يستتب الأمر لها بعد في مجتمعات تتغير هياكلها الاجتماعية والاقتصادية بسرعة بفعل عوامل داخلية وخارجية. وذلك وارد الوقوع بفعل تآكل أنماط الشرعية السياسية للنظم الحاكمة والمستندة إلى تراث من هيبة القوة التي اهترأت على مدى عقود من التراجع والهزائم والتجريب والترقيع.


الأزمة الثقافية الكبرى
تناولت النخب والمفكرين العرب أزمة الشرعية على أنها شكل من أشكال التعبير عن الأزمة الثقافية الكبرى التي تعصف بالمجتمعات العربية. لقد أخذ المسار العربي لحل الإشكال باتجاه الإحلال البطيء لما يسمى في التراث الديمقراطي بالشرعية العقلانية القانونية مكان الشرعية التقليدية. لقد أُفرغت الشرعية العقلانية القانونية من كل مضامينها وتآكلت تماما مع مطلع التسعينيات من القرن الماضي نتيجة الاحتلالات  والاقتتال الداخلي والخارجي وانهيار ما تبقى من نظرية الأمن القومي العربي، والفشل المتتالي لمشاريع التنمية الوطنية.

إن تحولات التسعينيات وما تبعها حوّل مشهد الأزمة الثقافية إلى صراع حاد على إرث شرعية في طريقها إلى الانحلال والزوال، أيّ الشرعية السياسية الراهنة للكثير من النظم العربية والإسلامية. هذه الشرعية في أغلب الأحوال شرعية تلفيقية تم ترميمها وإعادة صياغتها مرات عديدة من خلال إتاحة هوامش ضيقة أمام التعددية، إلى فتح نوافذ لحريات وفئات منقاة، صاحب هذا الترميم والترقيع تجديد شباب الدولة التسلطية. بات واضحا للعيان ولكل الأطراف أن الشرعية الراهنة في طريقها إلى الزوال. مع ازدياد حدة عصف الأزمة الثقافية تنطوي هذه المرحلة على واحدة من أشد لحظات الاستقطاب التاريخي في الصراع بين شرعيتين: العقلانية القانونية، عودة الشرعية التقليدية (التيار الإسلامي المعاصر).
عودة الشرعية التقليدية
الشرعية التقليدية الجديدة تجمع بين التقاليد الدينية التي لا تقبل إلا التفسير الآحادي للتاريخ والمجتمع والآخرين، وبين الزعامة الملهمة (الكاريزما)، مع عودة للخلافة الإسلامية. الشرعية السياسية التقليدية المستندة إلى تراث الخلافة حكمت العالم الإسلامي أكثر من (12) قرنا من الزمان، كان الوصول إلى السلطة فيها قائما على القوة. إلا أن تأمين الولاء والطاعة كان دائما يحتاج على أكثر من القوة؛ وهي الشرعية المستمدة المستندة على الرابطة الدينية والقدرة على تفسيرها في كل مرحلة.
مستقبل أزمة الشرعية
إن ما تقوم به النظم السياسية العربية والإسلامية اليوم من إجراءات ما هي إلا أنماط للدفاع الذاتي أمام صراع الشرعيات الحاد. يذكر هذا السلوك بإصلاحات الدولة العثمانية في آخر أيامها حينما بدأت تشعر ببداية تحلل شرعيتها. عجزت المجتمعات العربية وعلى مدار أكثر من عقدين عن ملء فراغ الشرعية الإيديولوجية الثورية بعد هزيمتها أمام المشروع الغربي الصهيوني. تركت المجال أمام النظم السياسية للاحتماء بالشرعية الملفقة والتي أهم ملامحها إعادة ترميم الدولة التسلطية متهاوية الشرعية من خلال تخويف الناس من منافسين على السلطة، أو/و تضخيم الانجازات الوهمية وبيع الأحلام الوردية وافتعال الأزمات الخارجية والاحتماء بقوى خارجية.
أيّ تحليل لمستقبل أزمة الشرعية في العالمين العربي والإسلامي لا يأخذ بعين الاعتبار مسارات الأزمة الثقافية الكبرى التي تعيشها هذه المجتمعات سيدخل دائرة التنجيم والكهانة اكثر من كونه رصدا واستشرافا تاريخيا اجتماعيا. وهذا ينقل مستقبل الأزمة من البحث في الحقل السياسي إلى الحقل الاجتماعي والثقافي. وهذا يتطلب بالضرورة إعادة اكتشاف الشرعية السياسية وتعريفها من جديد. يتطلب محاولة تعريف الشرعية بعيدا عن ما كان يتم ترديده من الولاء للحاكم أو النخبة الحاكمة إلى الولاء للدولة والطاعة للقوانين والتأييد للأهداف والقيم الكبرى. مصادر الشرعية تتجدد، وهي حالة سياسية تعكس موقفا اجتماعيا ثقافيا. وما قضية الديمقراطية والمشاركة السياسية وتداول السلطة إلا أحد تعبيرات أزمة الشرعية وليست الأزمة بأكملها، بل هي أكبر من كل ذلك.





















الفصل الخامس
معايير تصنيف نظم الحكم

وضع المفكرون السياسيون تصنيفات مختلفة لنظم الحكم وفقاً لمعايير عديدة. يمكن تقسيمها حسب أهمية المعيار على النحو التالي:
 معيار رئاسة الدولة:
                      أ. النظام الملكي (ملك).
                      ب. النظام الجمهوري (رئيس).
 معيار أهمية الفرد:
                      أ. النظام الديمقراطي.
                      ب. النظام الأرستقراطي.
                      ج. النظام الشمولي أو الدكتاتوري.
معيار الجهة المسئولة أمامها الحكومة:
                      أ. النظام الرئاسي (مسئولة أمام الناخب).
                      ب. النظام البرلماني (مسئولة أمام البرلمان).
                      ج. نظام حكومة الجمعية الوطنية (لجنة بالجمعية).
 المعيار الإقليمي:
                      أ. نظام الحكم المركزي (الدولة البسيطة / الموحدة).
                      ب. نظام الحكم اللا مركزي (الدولة الاتحادية / الفدرالية).
 معيار نسبة تمثيل الحكومة للشعب:
                      أ. نظام الحكم المباشر.
                      ب. نظام الحكم غير المباشر.
                      ج. نظام الحكم شبه المباشر.

  1. النظام الملكي
تكون إرادة رئيس الدولة ذات أثر قوي فعّال في الحكومة الملكية. وهناك أشكال مختلفة لنظام الحكم الملكي:
1.          نظام الحكم الملكي المطلق.
2.          نظام الحكم الملكي المقيد /أو الدستوري.
3.          نظام الحكم الملكي الوراثي.
4.          نظام الحكم الملكي الانتخابي (بولندا).
مزايا النظام الملكي
1.          يُؤمْن القوة الواحدة والوحدة في الإدارة والسياسة والسلطان.
2.          يحقق العدل، فالملك يمنع وقوع تصادم بين الأحزاب ويحكم حيادياً لفائدة الجميع.
3.          يحقق الإصلاح والوحدة واحتياجات الناس في المجتمع غير المسئول بعد.
4.          يحافظ على تقاليد البلاد التاريخية، ويعمل كرابطة للوحدة.
عيوب النظام الملكي
1.    لا يوجد ضمان أن يكون الوريث قديراً وقادراً على الحكم.
2.    سعي الملوك لتأمين مصالحهم دوماً ومصالح حاشيتهم بدلاً من المصلحة العليا للجميع.
3.    لا يوجد ضمانة لعدم خرق الملك للقوانين لمصلحته الشخصية الخاصة.
4.    لا يصلح لشعب ذكي متمدن وصل إلى درجة الإحساس بالمسئولية.
5.    المصاريف الباهظة للبلاط الملكي على حساب عامة للشعب.

2. النظام الجمهوري
يتميز بوصول رئيس الجمهورية للحكم بالانتخابات حسب دستور الدولة، حيث يتم تحديد فترة ولايته. قد يصل للحكم عبر الاستفتاء الشعبي.
 مزايا النظام الجمهوري:
1.    عدم انفراد الرئيس بالحكم، فهو يعمل في انسجام مع المؤسسات السياسية الأخرى في الدولة.
2.    الرئيس مسئول أمام الناخبين مما يدفعه للعمل لصالحهم.
3.    يخضع الرئيس للقانون الذي بدوره يمنعه من خرقه لمصالحه الخاصة.
4.  إشراك المواطنين في العمل السياسي.
عيوب النظام الجمهوري:
1.     يؤخذ عليه عدم استقرار رئيس الجمهورية لفترة طويلة تمكنه من الإشراف على تنفيذ سياسات ثابتة ودائمة.
2.  شعور الرئيس بوجوده في المنصب لفترة محدودة يجعله يعمل للحصول على اكبر فائدة شخصية له ولأتباعه.

 3. النظام الديمقراطي
هو الذي يسمح للجماهير بالمشاركة في سلطة الحكم. وينادي بالمساواة السياسية لجميع المواطنين ويعارض فكرة التمييز وقَصْر الحكم على أيّة طبقة من الطبقات. يؤكد بشدة على مبدأ الأغلبية، ووجوب حصول القوانين على تأييد الرأي العام. تستند السلطة فيه للتأييد الشعبي. يثق في قدرة الشعب على حكم نفسه بنفسه ثقة كبيرة وعالية.
 مزايا النظام الديمقراطي:
1.    قدرة النظام وكفايته على تحقيق أغراضه.
2.    قوة التأثير على المواطنين وشدة إقناعهم وثقتهم ورضاهم.
3.    الحكام والمواطنون مسئولون تجاه القانون.
4.    يُأَمْن سعادة طبقات الشعب كلها.
5.    إعطاء الكل المجال للدفاع عن حقوقهم.
6.    يُأَمْن درجة أوسع من الكفاية والرفاه الاجتماعي.
7.    ينتقل أساس السيادة من القوة إلى الرضا ويصور الدولة   قائمة بسبب الفرد، وليس الفرد قائماً من اجل خدمة الدولة.
8.    يعمل على تطوير جماهير الشعب ورفع شأنه.
تطبيق هذا النظام في دولة لا يكون شعبها أهلاً لتحمل المسئولية وعلى درجة عالية من الثقافة لا يمكّْن النظام من تحقيق أهدافه.
عيوب النظام الديمقراطي
1.    يفسح المجال للغوغاء لنشر الشغب والفوضى والإرباك في مرافق الدولة.
2.  عدم قدرة عامة الشعب على الحكم، والديمقراطية ما هي إلا حكومة يحكمها الجهلة حيث الانتخابات تبعد الأفراد ذوي الكفاءات الفذة عن الحكم.
3.    لا تؤدي على الحرية الفردية، وهناك خطر من طغيان الأغلبية وقلة كفاءتها على حريات وحقوق الأفراد.
4.    صعوبة السير على سياسة ثابتة لبضع سنين، فينتج عن ذلك تغييرات مستمرة في الإدارة تجعل خطة المستقبل غير واضحة.
5.    صعوبة وصول المواطن لحكم صحيح في المسائل العامة لقلة المعلومات الدقيقة لتأثير وسائل الدعاية والإعلام عليه.


4. النظام الأرستقراطي
يعرف بأنه حكم الطبقة العليا من الشعب لتحقيق مصالحها الخاصة. وهناك أنواع عديدة للأرستقراطية:
1.    ارستقراطية المال.
2.    ارستقراطية الوراثة.
3.    ارستقراطية الجيش.
قديماً، كان يعتبر النظام الأرستقراطي أفضل نظام حكم. أما الآن، فلم يعد له سوى قيمة تاريخية أثرية.
  
    5. النظام الدكتاتوري الشمولي
يبرر المفكرون السياسيون وجود هذا النظام بتخلف شعوب دول النظم الدكتاتورية. كانوا يتوقعون زوالها، ولكنها ظهرت من جديد بعد الحرب العالمية الأولى. ظهرت هذه النظم في كثير من دول أوروبا الوسطى، وفي كل من إيطاليا، ألمانيا، روسيا السوفيتية، اليابان.
خصائص النظام الشمولي/الدكتاتوري
1.    رفض سيادة السلطة التشريعية.
2.    رفض مبادئ المساواة.
3.    عدم وجود أحزاب منافسة.
4.    عدم وجود حرية المناقشة والنقد.
5.    رفض نظرية حكم الأغلبية، (أقلية منظمة، "حزب"، على رأسها رئيس مطلق).
6.    رقابة شديدة على الأفكار السياسية.
7.    تلقين النظريات العقائدية.
8.    الدعاية القوية والبوليس المسيطر وتعظيم الدولة.
               
6. النظام الرئاسي
هو النظام الذي يكون فيه الرئيس التنفيذي مستقلاً عن السلطة التشريعية، سواء بفترة حكمه، أو إلى حد كبير بخططه وعمله. يكون رئيس الدولة هو في نفس الوقت رئيس الوزراء، أو يخول من يقوم بالدور تحت إشرافه السياسي. لا يكون الفصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية كاملاً تماماً. عادة ما نجد في الحكومات الرئاسية، أن السلطة التشريعية تملك الحق في توجيه الاتهام للرئيس التنفيذي أوتعزله بناء على ارتكابه جريمة من الجرائم. كما أن لها أن تحبط حق الاعتراض والفيتو الذي يملكه الرئيس حسب بعض مواد الدستور. يأخذ بالمبدأ العام القاضي بأن مدة حكم الرئيس وامتيازاته يحددها الدستور ولا تخضع لرقابة التشريع. يعين الرئيس الوزراء الذين يديرون وزاراتهم إدارياً ويقيلهم أيضاً، وهم مسئولون أمامه.
خصائص النظام الرئاسي
1.    الوزراء ليسوا أعضاء في البرلمان.
2.    ليس من الضروري أن يكونوا من حزب الأغلبية.
3.    قد لا تطابق سياسة الوزراء سياسة الأغلبية في الهيئة التشريعية.
4.    لا يقدم مجلس الوزراء برنامجا رسميا للهيئة التشريعية.
5.    لا يجب استقالة الرئيس ووزرائه إذا لم يلق برنامجهم التأييد من الهيئة التشريعية.
6.    يعتبر الوزراء رؤساء إداريين أكثر منهم برلمانيين.
7.    تتمتع السلطة التنفيذية بدرجة كبيرة من الاستقلال.
8.    يطبق بصورة نموذجية في أمريكا، سويسرا، معظم جمهوريات أمريكا اللاتينية.                                                                                                                                           
مزايا النظام الرئاسي
1.    سلطات عالية للرئيس لها قيمة عالية وقت الأزمات والحروب.
2.    يتميز النظام بالنشاط والفعالية والقوة.
3.    جُلّ عمل الوزراء ووقتهم لإدارة وزاراتهم بعيداً عن العمل البرلماني.
4.  تقييم السلطة التنفيذية متروك للانتخابات وليس للتشريع مما يمكن من رسم سياسة إدارية نشطة دون أيّ خلل في كفة الميزان السياسي من التشريعي.
5.    تأثير الروح الحزبية على التشريع قليل، فهم يدلون بأصواتهم في معظم القضايا بحرية واستقلال.
عيوب النظام الرئاسي
1.    خلق خلافات سياسية في أوقات الانتخابات نتيجة لأهمية مركز رئيس الجمهورية.
2.    هناك خطر التصادم عندما تكون السلطة التنفيذية والتشريعية من حزبين مختلفين.
3.    عدم إعطاء الرئيس ووزرائه حق اقتراح القوانين وتقديمها للبرلمان للمصادقة عليها.
4.    تحول السلطات الواسعة للرئيس إلى أوتوقراطية غير مرغوب فيها.

7. النظام البرلماني
هو النظام الذي تكون فيه السلطة التنفيذية العليا مسئولة أمام التشريع قانوناً (الوزراء ورئيس الوزراء). تتوقف مدة بقاء الوزارة في الحكم على احتفاظها بثقة السلطة التشريعية. في حال فقدان الوزارة للثقة، تستقيل أو تطلب حل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة. يقومون بدور التوجيه والإرشاد للسلطة التشريعية طالما يحوزون على ثقة الأغلبية. يقوم الوزراء بعملهم كأفراد إداريين يرأسون وزاراتهم وكهيئة سياسية يوجهون سياسة الدولة في التشريع والسياسة الخارجية. واجبات السلطة التشريعية والتنفيذية مشتركة والعلاقة بينهما تتسم بالود والتعاون.

في البداية، ظهر في بريطانيا، حيث تطور وحقق أفضل نتائجه ثم اختارته معظم دول أوروبا بعد أن أجرت عليه بعض التعديلات. يتولى رئاسة الدولة في هذا النظام رئيس رمزي سواء كان ملكاً بالوراثة (بريطانيا)، أو رئيس جمهورية بالانتخاب (الهند، إسرائيل). لا يملك حق الاعتراض أو الفيتو على أعمال السلطة التشريعية كما لا يقوم بأيّ عمل حكومي هام إلا من خلال مجلس الوزراء. الوزراء أعضاء في البرلمان، فهم إما من زعماء حزب الأغلبية، أو ينتمون إلى عدة أحزاب مؤتلفة تكون الأغلبية، وهم أيضاً يشاركون في مناقشات البرلمان ومداولاته.
مزايا النظام البرلماني
1.    تأمين الانسجام التام بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.
2.  جعل السلطة التنفيذية مسئولة مباشرة أمام السلطة التشريعية المنتخبة بواسطة الشعب (خضوع التنفيذية لرقابة الشعب بطريق غير مباشر).
3.    يناسب النظام البرلماني الدول الملكية التي تطبق الديمقراطية وتريد أن تحتفظ بالنظام الملكي الوراثي (بريطانيا).
عيوب النظام البرلماني
1.    يقضي على استقلال وكفاءة السلطة التنفيذية وإلى حد ما استقلال وكفاءة التشريعية.
2.  عدم وجود رئيس تنفيذي واحد. وهذا يشكل خطورة كبيرة لا سيما في أوقات الحرب والأزمات الوطنية (ضرورة انسجام رئيس الوزراء مع وزرائه وتفاهمه معهم).
3.  في حال وجود حزبين كبيرين، فإن مقاليد الأمور توضع بالكامل في يد حزب الأغلبية مما يؤثر على الحياة السياسية. الأمر الذي يدفع المعارضة لمشاغلة الحكومة دائما وإبعادها عن أداء دورها الأساسي (تحقيق مصالح الشعب) وذلك لمواجهة الهجوم المستمر من المعارضة والذي يُفسد عليها الرأي العام.

8. نظام حكومة الجمعية
الحكومة لا تكون مسئولة فقط أمام السلطة التشريعية، بل هي مجرد لجنة داخلها تتشكل من بين أعضاء التشريع. تستند نظرية حكومة الجمعية الوطنية على أساس تفوّق السلطة التشريعية كونها ممثلة إرادة الشعب ومصدر السيادة القومية والوطنية. على الرغم من إضعافها السلطة التنفيذية كمجرد تابع للتشريع، إلا أن ذلك أثر على كثير من دساتير الدول الحديثة. النموذج لهذا النظام (سويسرا) والدول الشيوعية فهي أكثر الدول تطبيقاً لنظرية حكومة الجمعية. حيث تنص دساتيرها على أن السلطة التشريعية هي المسئولة عن تكوين الحكومة.                                                                                                                                                                                                                                                          
المآخذ على حكومة الجمعية
1.    يؤخذ على هذه النظرية أنها تُفْقِد التشريع وظيفة هامة وهي الرقابة على التنفيذ.
2.  تجارب حكومة الجمعية دلت على وقوع الحكومة في يد دكتاتورية كما حدث عقب ثورة كرومويل في انجلترا والثورة الفرنسية والثورة الشيوعية في روسيا القيصرية. (وذلك على الرغم من أن النظم التي قامت بعد هذه الثورات في كل من انجلترا وفرنسا وروسيا تعتبر أقرب للعدالة من النظم التي كانت سائدة قبلها).

9. نظام الحكم المركزي
يقتضي هذا النظام تفويض كل سلطات الحكومة في الدولة للحكومة المركزية وفق الدستور. الحكومة المركزية تستطيع إنشاء فروع لها وان تفوض إليها ما تشاء من السلطات. قد ينشأ نتيجة اندماج بعض الحكومات المستقلة مع بعضها اختيارياً. في الأغلب ينشأ بالغزو والتوسع. الحكومات الداخلة في النظام تصبح فاقدة لاستقلالها وتعود مجرد وحدات إدارية.
مزايا النظام المركزي
1.    يصلح للدول الصغيرة التي لها وحدة عنصرية وجغرافية.
2.    يصلح للدول التي لم يتقدم سكانها سياسياً كاملاً.
3.    قوته تنبع من قوة القانون والإدارة ووحدتهم في جميع أجزاء الدولة.
4.    يتجنب التبذير ومضاعفة الأعمال التي تحدث عادة في اللامركزية.
5.    مفيد في  العلاقات الخارجية وحالات الحرب، كما أنه يخلق روح وطنية واحدة.
6.  يتمتع بالمرونة والقدرة على إعادة التوازن بين سلطات الحكومة المركزية وفروعها المحلية من خلال تشريع جديد عادي بدلاً من إجراء تعديل على الدستور.                                                                                             
عيوب النظام المركزي
1.    عدم مراعاة الظروف المحلية وتعطيل المصالح عند مركزتها.
2.    يقتل روح المبادأة والمبادرة والابتكار لدى موظفي الهيئات المحلية مما يؤثر على المصالح العامة للشعب.
3.    يعزز البيروقراطية المركزية حيث الروتين الراتب بدلاً من المرونة.
4.    لا يصلح للدول الكبيرة مترامية الأطراف حيث اختلاف الظروف المحلية وتباينها وبالتالي تباين الآراء والمقاييس السياسية.
5.    لا يصلح لشعب ذي وعي سياسي متقدم وحب شديد للحرية.

10. نظام الحكم اللامركزي
يقضي بأن ينص الدستور على حكومة وطنية وعلى فروعها الكبرى، حيث تقسم سلطات الحكومة فيما بينها. لا تستطيع أيّ حكومة سواء الوطنية أو المحلية أن تغير الأخرى، أو تتدخل بصورة غير قانونية في ممارسة السلطات التي تدخل في اختصاصات الأخرى. يخلق هذا النظام حكومة مزدوجة أو فيدرالية (USA، كندا، سويسرا، النمسا، بعض دول أمريكا اللاتينية، الاتحاد السوفيتي السابق). ليست العبرة في النظام اللامركزي بسعة الصلاحيات الممنوحة للحكومات المحلية، ولكن بمركزها القانوني ومصدر سلطاتها.
مزايا النظام اللامركزي
1.    تحقيق رغبة الأقاليم الصغيرة في الاتحاد سلميا دون التضحية بكيانها السياسي.
2.    يحفز على الاهتمام بالنشاط السياسي وعلى المبادرات والتجارب الإقليمية.
3.    يمنع المنازعات التي قد تنشأ بين القوميات المختلفة والتي قد تهدد كيان الدولة.
4.    يخفف الأعباء الكثيرة الملقاة على عاتق الحكومة الاتحادية.
5.    يناسب الدول ذات المساحات الواسعة، والتي يكون سكانها منقسمين بحواجز جغرافية أو عنصرية ولا يمكن جمعهم في وحدة سياسية مركزية.
6.    يحقق على حقوق الأفراد السياسية، ويقلص من حجم استبدادية الدولة المركزية.
عيوب النظام اللامركزي
1.    خروج المنازعات الخاصة بتقسيم السلطة عن نطاق الشئون الداخلية إلى العلاقات الدولية.
2.    قد تتجاوز السلطة الاتحادية عند إبرام المعاهدات السلطات التي أراد الدستور أن يضعها بيد الحكومات المحلية.
3.    ضخامة التكاليف والتأخير الناشئ عن وجود جهاز حكومي مزدوج.
4.    صعوبات قضائية نتيجة اختلاف القوانين من ولاية لأخرى.
*  يقترح بعض مفكري العلوم السياسية أن تحول الحكومة اللامركزية إلى مركزية مع منح اختصاصات واسعة لوحدات الحكم المحلي(بريطانيا) ربما يؤدي للحصول على مزايا كلا النظامين، وتجنب عيوبهما في نفس الوقت.


الفصل السادس
النظام السياسي الإسلامي

الوضع السياسي قبل البعثة
1.  كل تنظيم سياسي يعتمد على الاستقرار في السكن (الاجتماع البشري)، وهذا كان متعذرا على الأعرابي البدوي الذي طابعه الترحال والتنقل وعدم الاستقرار.
2.    التنظيم السياسي كان يعتمد على العشائر والقبائل وأسرهم العريقة (رابطة الدم).
3.    كل من يجترئ على التقدم إلى منطقة غريبة يُعرّض نفسه للقتل والسلب، أو أحدهما.
4.    النظام الاجتماعي العربي في الجزيرة كان يقوم على شريعة الغابن ولم يكن هناك أيّ شكل من أشكال السياسة غير ما كان يدور في القبيلة من ريادة وسيادة وتحكم.

الإسلام والعرب
1.    كان العرب وقت البعثة منقسمين إلى ثلاثة فئات:
                                                         أ‌-         متحالف مع بيزنطة ويدافع عن حدودها. 
                                                      ب‌-      متحالف مع الفرس ويدافع عن حدودهم.
                                                      ت‌-      قبائل عربية متصارعة في شبه الجزيرة على الكلاء والماء والجاه والمكانة                                             
2.    جاء الإسلام، ومن خلال الوحي، على يديّ الرسول صلى الله عليه وسلم مغيراً لكل شيء بالنسبة للإنسان العربي.
3.  شكل نزول الوحي وانتشار الإسلام إلى انقلاب حقيقي في حياة العرب الرُحّل إلى ، مما أدى إلى انتظام عقد العرب في وجود سياسي متمثل في دولة المدينة (دولة الرسول).
4.    توحيد القبائل وبناء الجيش وإرسال الجيوش لأكبر دولتين في ذلك العصر الرومان، والفرس.
5.  بسطت دولة المدينة سيطرتها على الجزيرة العربية ثم فارس ثم الروم. وانطلقت فيما بعد إلى كل من أوروبا وآسيا وأفريقيا في فترة قياسية زمنياً.

الفكر السياسي الإسلامي
أُخذت قواعد الفكر السياسي الإسلامي من القرآن الكريم والسنة النبوية وهي:
1.    الحاكمية لله فقط في الأرض والسماء.
2.    العدالة والمساواة والحرية الحقة.
3.    الطاعة لله ولرسوله ولوليّ الأمر.
4.    تطبيق مبدأ الشورى.
5.    الإجماع.
6.    يأخذ بالاجتهاد فيما ليس فيه نص، أو في النص ظني الدلالة.
7.    القياس.
8.    الاستحسان.
9.    الاستصحاب.

تصنيف النظام السياسي الإسلامي
تناول الغربيون ماهية وتصنيف النظام السياسي الإسلامي على أنه نظام مالكي مطلق، إلا أن الكتّاب المسلمين اعتبروا انه نظام جمهوري ديمقراطي شوري. المفكر السياسي المصري (د.ثروت بدوي) كان أكثر دقة حيث قال: تحول النظام السياسي الإسلامي في سياق تطوره عبر التجربة التاريخية البشرية من نظام ديمقراطي شوري في عهد الخلفاء الراشدين إلى ملكي وراثي مقيد في بداية عهد الأمويين، ثم تطور إلى  ملكي مطلق في نهاية الأموي والعصر العباسي.

نظام الحكم الإسلامي
تكمن المبادئ الدستورية العامة التي تحدد نظام الحكم الإسلامي في القرآن الكريم والسنة النبوية، ونهج الخلفاء الراشدين ومؤلفات المجتهدين من علماء المسلمين.
الأسس التي يقوم عليها نظام الحكم الإسلامي:
1.    الأخذ بنظام الانتخاب في اختيار رئيس الدولة.
2.    الكفاءة في تولي الوظائف العامة.
3.    الشورى.
4.    العدل.
5.    المساواة
6.    مسئولية الحاكم.

مبادئ ومقومات نظام الحكم الإسلامي:
1.    الإيمان.
2.    العلم.
3.    العمل.
4.    الاقتصاد.
5.    التعاون.
6.    الجهاد.
7.    إقامة الحدود.
8.    الطاعة في المعروف.
9.    تربية المواطن الصالح.

المكونات السياسية في نظام الحكم الإسلامي:
1.  الدستور الإسلامي، وهو القرآن الكريم (كتاب الله المنزل). والذي تم حفظه من قبل الخالق وجمعه الخلفاء الراشدون الثلاثة الأوائل. أصبح مكتوبا وبحرف واحد موحد في كل الأمصار على عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه.
2.  رئيس الدولة (الإمام، أو الخليفة)، ومواصفاته : العدالة، الأخلاق الفاضلة، العلم، الكفاية، الاجتهاد، سلامة الأعضاء. وهو من أهل الولاية الكاملة (مسلماً، حراً، ذكراً، بالغاً، عاقلاً). الخلافة عقد اختيار وقبول بين الأمة والخليفة.
3.  السلطة التشريعية، (الشورى): ليس لها أن تخرج عن الأحكام التي وردت في مصادر التشريع الإسلامي، أو تصدر ما يتناقض معها.
4.  السلطة التنفيذية، (الخليفة) وهو رئيس الدولة وفي نفس الوقت رئيس السلطة التنفيذية، وله عماله في الأمصار ووزارته في العاصمة (تفويض أو تكليف تنفيذي). حيث لا يوجد تفريق بين اختصاصه كرئيس للدولة أو رئيساً للسلطة التنفيذية.

سلطات الخليفة
يرى ابن تيمية في (السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية) أن المبدأ العام الذي يحكم سلطات الخليفة وحدودها، هو ما ورد في قوله تعالى في سورة النساء 58-59: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها، وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل، أن الله نعما يعظكم به، إن الله سميعا بصيرا. يأيها الذين أمنوا اطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى منكم، فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول، إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأخر، ذلك خير وأحسن تأويلا“.
يمكن تفصيل ذلك (المبادئ الواردة في هاتين الآيتين) على النحو التالي:
1.    أداء الأمانات على أهلها، وهي على نوعين: أمانة الحكم (المسئولية العامة)، وأمانة المال.
2.    الحكم بين الناس بالعدل.
3.    طاعة وليّ الأمر أو الحاكمين.
4.  إذا كان خلاف في أمر ما، يجب الرجوع فيه لكتاب الله وسنة رسوله الكريم عن طريق أهل الحل والعقد (التشريع)، أو القضاء، أو الإفتاء .
لخص أبو الحسن الماوردي في كتابه (الأحكام السلطانية) اختصاصات الخليفة على النحو التالي:
1.    الاختصاص الديني.
2.    اختصاص حماية الأمن والنظام.
3.    الاختصاص الحربي الجهادي.
4.    الاختصاص المالي.
5.    الاختصاص القضائي.
6.    الاختصاص الإداري
الوزراء
يعين الخليفة الوزراء لمعاونته في الحكم (النصح، تنفيذ الأوامر، المحافظة على حسن السمعة). ويقسم علماء الشريعة الوزراء إلى نوعين:
1.    وزير تفويض (شروط الخلافة، الاجتهاد، والخبرة).
2.    وزير التنفيذ (تنفيذ دون سلطة مستقلة).
الاثنان مسئولان أمام الخليفة الذي يملك حق عزلهم ومراقبتهم ومحاسبتهم.
الدواوين
عُرف نظام الدواوين منذ عهد الخليفة عمر رضي الله عنه، وهو لكل أمر هام من أمور الدولة. هذا النظام شبيه بالوزارات في العصر الحاضر، تنقص وتزيد وفق مقتضيات الأمور.
 ولاة الأقاليم
يقومون بتولي أعباء الحكم في الولايات على أساس الحكم الذاتي تحت إشراف الخليفة مباشرة، الذي يملك حق تعيينهم ومحاسبتهم وعزلهم. وهم مسئولون أمامه مباشرة.

السلطة التشريعية (أهل الحل والعقد)
يشترط فيهم العدالة الجامعة لشروطها: الاستقامة، الأمانة، الورع، العلم، الرأي والحكمة. يقول النووي هم العلماء والرؤساء ووجوه الناس. ويميز علماء الشريعة بين نوعين من أهل الحل والعقد: أهل الاجتهاد (السلطة التشريعية)، وأهل الاختيار (الهيئة السياسية) يتوفر فيهم قدر من العلم يؤهلهم بمعرفة ظروف المجتمع وأحواله السياسية وقادرين على اختيار الأصلح من بين المرشحين لمنصب رئيس  الدولة. سكتت الشريعة عن أسلوب اختيار أهل الحل والعقد، ومدة ممارستهم لاختصاصهم تاركة ذلك لظروف كل عصر ومكان. في زماننا، تستدعي مقتضياته أن يكون اختيارهم عن طريق الانتخاب، حيث يحدد ضمنها مدة بقائهم في تخصصهم. وهذا قياساً على أسلوب اختيار الخليفة.
مصادر التشريع الإسلامي:
1.          القرآن الكريم.
2.          السنة النبوية.
3.          الإجماع .
4.          القياس.
5.          الاستحسان.
6.          المصالح المرسلة.
7.          الاستصحاب.
8.          شرع من قبلنا.
9.          مذهب الصحابي.
خصائص التشريع الإسلامي:
1.          الوازع الديني والخُلقي العاصم للمشرع من الزلل.
2.          نزعة الجماعة الإسلامية (الجماعية).
3.          قابل للتطور بالاجتهاد في الأحكام التي يمكن فيها ذلك (ما لم يرد فيه نص).
4.          روح الاعتدال ونبذ التطرف.
5.          الغاية هي تحقيق السعادة الدنيوية والدينية الأخروية للإنسان.
اهتمامات التشريع الإسلامي:
1.          تنظيم علاقة الإنسان بربه.
2.          تنظيم علاقة الفرد وأسرته.
3.          تنظيم السلطات العامة، وعلاقة الأمة بغيرها من الأمم.
4.          إقامة السلام على أساس القوة والعدل.
أسس التشريع الإسلامي:
1.    لا ضرر ولا ضرار.
2.    عدم الحرج ودفع المشقة وتقليل التكاليف.
3.    رعاية المصالح جميعاً وتحقيق العدالة الشاملة.



السلطة القضائية
أول من عَين قاضياً مختصاً بالقضاء في الدولة الإسلامية أبو بكر الصديق رصي الله عنه حيث أسند القضاء في المدينة إلى عمر بن الخطاب. مع اتساع الدولة، عين قضاة في الولايات الإسلامية من قبل الخليفة بداية، ثم أصبح من حق الولاة المحليين في الولايات تعيينهم. أنشئت في كل الولايات دواوين للقضاء أو المحاكم. في بعض العصور، عين الخلفاء رئيسا للقضاة في الدولة كلها. لقب بـقاضي القضاء، وكان يختص بتعيين القضاة في الأقاليم والولايات.
شروط القاضي
         الذكورة والبلوغ.
         أن يكون حاد الذكاء.
         الحرية.
         الإسلام.
         العدالة.
         سلامة السمع والبصر.
         عالماً بأحكام الشريعة علماً يؤدي على الاجتهاد.
القضاء الإداري (النظر في المظالم)
1.          النظر في تعدي الولاة على الرعية.
2.          جور العمال فيما يجبونه من الأموال.
3.          كتاب الدواوين، لأنهم أمناء المسلمين على ثبوت أموالهم.
4.          مراعاة العبادات الظاهرة، كالجُمع والأعياد والحج والجهاد من حيث التقصير فيها والإخلال بشروطها.
قضاء الحسبة
يصنف علماء المسلمين اختصاصات قضاء الحسبة في ثلاثة أنواع:
1.    المتعلق بحقوق الله تعالى.
2.    المتعلق بحق العباد.
3.    المتعلق بحقوق مشتركة بين الله تعالى وعباده.
يتمتع القضاء جميعه بالحصانة والاستقلال دون تدخل من أحد. الكل مسئول أمامه. لا يستطيع الوالي عزل القاضي المعين من الخليفة أو قاضي القضاة / حتى الخليفة يتردد ويتورع عن عزله.


الدستور الإسلامي
هو القرآن الكريم حيث يتضمن المبادئ العامة لنظام الحكم. يتميز عن بقية الدساتير بأنه منزّل من عند الله سبحانه وتعالى. ليس قاصراً على دولة معينة أو زمن معين، ولكنه صالح للتطبيق في أية دولة وفي أيّ زمان ومكان ومصلح لهما.
خصائص الدستور الإسلامي
مكتوب، لم يترك البشر يًحًارون بحثاً عن المبادئ العامة لنظام الحكم، أو يطبقونها وفق أهوائهم وميولهم. مرن، تناول المبادئ العامة دون الخوض في التفاصيل تاركاً ذلك لمقتضيات أحوال الزمان والمكان. واضح ومحدد، ليس فيه لبس أو غموض، أسلوبه قاطع وصريح. شامل، لكل الجوانب العامة للنظام، تطبيقها مجتمعة يحقق النظام الكامل الإسلامي. موجز يحمل في طياته معان غزيرة، لدرجة أن بعض فقهاء الشريعة أوضح أن آيتين فقط من القرآن تتضمن الأساس العام لنظام الحكم.



















الفصل السابع
النظام الليبرالي العلماني
السمات:
         السيادة للشعب، الذي يحدد الإرادة العامة للأمة (الهيئة التشريعية)
         الدستور (ينظم ويحكم ويتحكم في العلاقة بين مؤسسات النظام المختلفة محددا المسئوليات، الصلاحيات، الموازنات، والفترات).
   العقلانية (الرشادة)، وهي استخدام العقل والمنطق في إدارة شئون الدولة وسياساتها (الشعب ومصالحه الحيوية العليا). الموضوعية في تناول الأمور بعيدا عن التأثيرات الشخصية .
          خالي من ظاهرة الشخصنة أو التملك لا للدور، ولا للمهمة، ولا للموقع إلاَّ في حالة المرض (الفساد: الإداري والمالي ثم السياسي).
         يملك جهاز بيروقراطي قوي، متماسك، معقد التركيب والتخصص.
   يكون مُمَأسساً وبشكل تخصصي، وتملك المؤسسات أصولها القانونية الدستورية والنظامية. وذلك مثل مؤسسات النظام المختلفة، والمؤسسات المتخصصة الأخرى خارج النظام.
         يميزه ويحركه فكر محدد يكمن خلف عملية إدارته وكذا مؤسساته، ويلعب دورا في تشكيل بُنَاه وهيكله الإدارية والقانونية.
   هناك جملة من المعايير التي تقف في صلب عملية إدارة النظام الليبرالي العلماني وهي: احترام الآخر، القبول بالوصول إلى حل وسط مع الأطراف الأخرى داخله، احترام الاتفاقيات التي يتم التوصل إليها، تداول السلطة سلمياً.
         لا يملك القوة وحق استخدامها حتى بالإكراه سوى من حاز على شرعية قيادة الجمهور دستورياً.
         تقاس فعالية النظام بقدرته على تحقيق أهدافه الرئيسية وهي:
1.    الحفاظ على النظام السياسي وضمان استمراره.
2.    تعقد وتكيف النظام مع المتغيرات الداخلية والخارجية.
3.    الحفاظ على المواطنين وممتلكاتهم (ضمان الأمن الشخصي والأمن العام).
4.    حل الصراعات الداخلية سلميا وبالتوافق (العدالة والسلم الاجتماعي).
5.    المحافظة على مصالح الشعب الحيوية العليا ورموزه الوطنية والثقافية.
6.    تلبية احتياجات المواطنين المعيشية الحياتية اليومية.
         يمكن تقييم هذه الفعالية بقدرة النظام على:
1.    تحويل القوة إلى حق.
2.    تحويل الكم إلى نوع (رفع مستوى الحياة إلى أعلى).
3.    أن تصبح الطاعة والولاء فيه واجب.

الإرادة العامة
تنتج باتفاق الأفراد على التنازل للمجموع عن حقوقهم في السيادة (اشتراك إرادة الفرد مع إرادة الأفراد الآخرين بموافقة الجميع كشرط أساس) (العقد الأول، المكون للاجتماع البشري). وبعد إنشاء الدولة (العقد الثاني)، تعتبر إرادة الغالبية هي الإرادة العامة وجوبا، كما يجب على الأقلية أن تفهم أنها تكون مخطئة إذا عارضت الأغلبية. إن الإرادة العامة عند روسو صائبة دائما، وهادفة لتحديد وتحقيق النفع العام دائما، وتمثلها دوما إرادة الأغلبية. إن إرغام الأقلية على الخضوع للإرادة العامة يجعلها أكثر حرية مما لو استقلت برأيها.

الإرادة العامة هي المجموع الجبري للقوى المكونة لها والمتحصلة من الانتخابات. حصة كل قوة سياسية منفردة في التعبير عن المصالح الحيوية العليا للأمة هي نسبة تلك القوة من الإرادة العامة. وتقاس شرعية القوى السياسية، وكذلك حقها في رسم سياسات الدولة وبرامجها بحجمها من المجموع الجبري المكون للإرادة العامة الناتج عن الانتخابات. هذا الفهم للإرادة العامة، يرسم شكل الممارسة السياسية للقوى المشكلة للتحالف الحاكم، كما يحدد نمط سلوكها السياسي ودورها وحجمه في صنع القرار السياسي.











الجزء الثاني
نماذج تطبيقية لنظم الحكم
1.    النظام السياسي الأمريكي
2.    النظام السياسي الفرنسي
3.    النظام السياسي الهندي
4.    النظام السياسي الصهيوني
5.    النظام السياسي البريطاني
6.    النظام السياسي الصيني
7.    النظام السياسي الياباني
8.    النظام السياسي الألماني
9.          النظام السياسي الروسي
10.     النظام السياسي السويسري
11.     النظام السياسي اللبناني
12.     "النظام السياسي الفلسطيني"
13.     النظام السياسي الإيراني
14.     النظام السياسي الباكستاني
15.     النظام السياسي الاندونيسي
16.     النظام السياسي الماليزي
17.     النظام السياسي الكوري الشمالي
18.     النظام السياسي المغربي
19.     النظام السياسي السعودي






المراجع والمصادر
الكتب العربية
    نصر محمد عارف. إبستمولوجيا السياسة المقارنة: النموذج المعرفي، النظرية، المنهج، بيروت: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، ط1، 2002.
          محمد زاهي المغيربي. قراءات في السياسة المقارنة: قضايا منهجية ومداخل نظرية، ليبيا: منشورات جامعة قاريونس، 1998.
    محمد زاهي المغيربي. اتجاهات جديدة في السياسة المقارنة، مجلة الاقتصاد والتجارة، المجلد (15)، العددان الأول والثاني، 1979، ص9-30.
    نصر محمد عارف. الاتجاهات المعصرة في السياسة المقارنة: التحول من الدولة إلى المجتمع، ومن الثقافة إلى السوق، المركز العلمي للدراسات السياسية، 2006.
          درويش، إبراهيم . ”النظام السياسي“، القاهرة: دار النهضة العربية، 1968.

الكتب الأجنبية
      Lasswell, Harold D., “Politics: who gets what, when, who”, tenth edition,( New York: Meridian box, 1966).
      Almond Gabriel & Powell, G. Bingham, “Comparative Politics: a developmental approach”, (Boston: Little Brown Company, 1966).
      Easton, David, “The Political System: an Inquiry into the State of political Science”, (New York: Alfred Knope, 1966).

الكتب الأجنبية المترجمة
          روبرت أ. دال . ”التحليل السياسي الحديث“، ترجمة: د. علاء أبو زيد، (القاهرة: مركز الأهرام للترجمة والنشر، 1993).
          روبرت م. ماكيفر . ” تكوين الدولة“، ترجمة: د. حسن صعب، ط2، (بيروت: دار العلم للملايين، 1984).
          أرسطوطاليس . ” السياسة“، ترجمة: أحمد لطفي السيد، ( القاهرة: الدار القومية للطباعة والنشر، د.ت).
          دفرجيه، موريس. ”علم اجتماع السياسة“، بيروت، 1991.